نام کتاب : الرسائل الأحمديّة نویسنده : الشيخ أحمد آل طعّان جلد : 1 صفحه : 142
وهذا على رأي
الأشاعرة من أنَّ جميع الأفعال مخلوقة له تعالى [١] ظاهر لا ريب
فيه ؛ لأنَّ كلّ جميل فهو له خَلْقاً وتمكيناً ، ولاختصاص الحمد بالأفعال
الاختياريّة ، ولا اختيار لغيره سبحانه وإنّما العبد مختار في صورةٍ ، مضطر في
أُخرى ، فيختصّ الحمد به ولا يسري إلى غيره.
القول في أفعال العباد
وبيانه أنَّهم ذهبوا إلى أنَّه لا مؤثِّر في الوجود إلّا الله
سبحانه ، وليس شيء مؤثِّراً في شيء أصلاً ، فجميع أفعال العباد من الصلاح
والفساد صادرة عندهم من الله الجواد ، وليس لهم منها إلّا الكسب الذي هو عند
أكثرهم الإرادة والاختيار ، بمعنى أنَّ العبد إذا أراد الطاعة أو المعصية فعلهما
الله فيه. فأصل الفعل من القادر المختار وليس للعبد سوى الاختيار فيه ، فمن حيث
إنَّه لا قدرة له على إيجاد الفعل ، حيث إنَّ الموجد هو الله تعالى يتّصف
بالاضطرار ، ومن حيث صدور ذلك الفعل منه تعالى بعد اختياره وإرادته يوصف
بالاختيار.
وفساد هذا
القول الشنيع أظهر من الشمس في رابعة النهار ( سُبْحانَهُ وَتَعالى
عَمّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً )[٢] ، ( فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً
وَزُوراً )[٣]( وَمَنْ يَكْسِبْ
خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً
وَإِثْماً مُبِيناً )[٤].
وأمَّا على
مذهب الإماميّة ، فلأنَّ تمكين العباد وإقدارهم على الأفعال الحسنة منه تعالى ؛
لأنَّ أُصول النعم وفروعها منه ، وأمَّا مُلْكُ غيرهِ فتسليطٌ منه واسترعاء ، فهو
المالك لما ملّكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه ، فبهذا صحّ رجوع المحامد إليه
وقصرها عليه ؛ لاستناد ما يصدر منّا إلى جوارحنا وقدرتنا وإرادتنا ، وكلّها مستندة
الى جوده ومتفرّعة على وجوده. فيصير توفيقه إيّاهم لحمده وشكره من جملة النعماء
[١] شرح المواقف ٨ :
١٤٥ ١٤٦ ، شرح المقاصد ٤ : ٢٢٣ ٢٢٤.