نقول : إنّ الدعاء من أقوى الأسباب في تحقيق المطلوب ودفع المكروه ، ولكنّه قد يكون ضعيفا في نفسه بأن يكون دعاء لا يحبه اللّه لكونه مخالفا لسنن التكوين والتشريع ، أو لأن الداعي لم يراع شروط الدعاء ولم يتقيد بآدابه ، أو لوجود الموانع التي تحجب الدعاء عن الصعود : كأكل الحرام ، ورين الذنوب على القلوب ، واستيلاء الشهوة والهوى وحبّ الدنيا على النفس.
فإذا قيل بعدم الاخلال في جميع ذلك ، فيمكن حصر الأسباب المؤدية إلى تأخر الاجابة بما يلي :
١ ـ إنّ الداعي قد يرى في دعائه صلاحا ظاهرا ، فيلحُّ بالدعاء والمسألة ، ولكن لو استجيب له ، فإنّ الاستجابة قد تنطوي على مفسدة له أو لغيره لا يعلمها إلاّ اللّه تعالى ، قال تعالى : « وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرٌ لكُم وعسى أن تُحبُّوا شيئا وهو شرٌ لَّكُم واللّه يعلمُ وأنتُم لا تعلمُون » [٢].
وفي زبور داود عليهالسلام : يقول اللّه تعالى : « يا بن آدم ، تسألني فأمنعك ، لعلمي بما ينفعك » [٣].
وعليه فإنّ اجابة الدعاء إن كانت مصلحة والمصلحة في تعجيلها ، فإنّه تعالى يعجّلها ، وان اقتضت المصلحة تأخيرها إلى وقت معين أُجّلت ، ويحصل للداعي الأجر والثواب لصبره في هذه المدة.