وهكذا كل دعوة إلى الحق في مجتمع متعسف
ظالم ؛ لابدّ وأن تكون في بداياتها غريبة ، تلازمها التقيّة حتى لا يذاع سرها وتخنق في مهدها.
وعلى أيّة حال فان التقيّة الواردة في
أفعال وأقوال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
الأعظم بالنحو الذي ذكرناه أولاً مما لا مجال لإنكاره ، واليك جملاً منه :
الحديث
الأول : تقية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قريش :
أخرج البخاري في صحيحه بسنده ، عن
الاسود بن يزيد ، عن عائشة ، قالت : (سألت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
، عن الجَدْرِ [٢] أمِن
البيت هو ؟
قال : « نعم.
فقلت : فما لهم لم يدخلوه في البيت ؟
الحلبية
/ ابن برهان ١ : ٢٨٣. والسيرة النبوية / دحلان ١ : ٢٨٢ مطبوع بهامش السيرة
الحلبية. واُنظر كذلك تاريخ الطبري ١ : ٥٤١. والكامل في التاريخ / ابن الاثير ٢ : ٦٠.
والبداية والنهاية / ابن كثير ٣ : ٣٧.
وإن شئت المزيد فراجع كتب التفسير في
تفسير قوله تعالى : (
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ).
سورة الحجر : ١٥ / ٩٤ ، وقوله تعالى : (
وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ).
سورة الشعراء : ٢٦ / ٢١٤.
وفي عناوين تاريخ الخميس للدياربكري ١ :
٢٨٧ هذا العنوان : « ذكر ما وقع في السنة الثانية والثالثة من اخفاء الدعوة » وقد أخرج تحت هذا العنوان عن ابن الزبير أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
كان لايظهر الدعوة إلّا للمختصين ، وإنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم
أظهرها لعامّة الناس بعد ثلاث سنين عندما نزل قوله تعالى : (
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ ).
سورة الحجر : ١٥ / ٩٤.
[١]
ورد الحديث بألفاظ متقاربة في صحيح مسلم ١ : ١٣٠ / ٢٣٢. وسنن ابن ماجة ٢ :
١٣١٩ / ٣٩٨٦. وسنن الترمذي ٥ : ١٨ / ٧٦٢٩. ومسند أحمد ١ : ٧٤.
[٢]
الجَدْرُ والحِجْرُ بمعنى واحد ، والمراد : حِجْر الكعبة المشرفة.