ومن نقاط الاتفاق الواضحة بينهما هو أن
الضرورة تجعل المحظور مباحاً كما مرَّ في قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات) ،
وكذلك الحال مع الاكراه ، إذ يبيح ارتكاب بعض المحرمات ، ومنها المساس
بحقوق الآخرين.
وعلى هذا الوجه يدخل الاكراه في مفهوم
الضرورة العام الذي يعني تحققها بمجرد حلول خطر لا يندفع إلّا بمحظور [١].
ومن هنا يتبين عدم الفرق بينهما من جهة
الملاك ، لأنّ ملاكهما واحد ، وهو رفع الضرر الأهم بارتكاب ترك المهم [٢].
ولهذا علّل بعض فقهاء القانون الوضعي
انتفاء المسؤولية في حالة الضرورة بفكرة الاكراه ؛ لأنَّ من يكون في حالة
ضرورة هو مكره على الفعل الذي يخلصه منها ، وكثير منهم قرن أحدهما بالآخر [٣].
وبهذا العرض الموجز عن الاكراه وصلته
بالضرورة والتقيّة ، نعود إلى الحديث عن التقيّة لنتعرف أولاً على أصولها
ومصادرها التشريعية عبر بيان أدلتها من القرآن الكريم والسُنّة المطهّرة ،
ودليل العقل والإجماع.
[١]
راجع : الضرورة في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي / الدكتور محمد محمود
عبدالعزيز الزيني : ٥٩ ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، الاسكندرية / ١٩٩٣ م.
[٣]
راجع الإحكام العامة في قانون العقوبات / الدكتور السعيد مصطفى السعيد : ٤١٧ ، وشرح
قانون العقوبات القسم العام / الدكتور محمود المصطفى : ٣٢٦ نقلاً عن الضرورة
للدكتور محمد محمود الزيني : ٢٢٣.