وتزكيتهم من دون أدنى
ضرورة وبلا اكراه وإنّما لأجل التزلف إليهم ثم ذمهم عند الخروج منهم كما
كان يفعله عريف الهمداني ، وعروة بن الزبير ، وناس من التابعين ؛ مما حمل
بعض الصحابة على تنبيههم على هذا النفاق [١].
الفرق الثالث :
اعتنى القرآن الكريم ببيان رفع الحرج والعسر والشدة والضرر ، وكذلك السُنّة
النبوية ، زيادة على طرح الفقهاء لجملة من القواعد الفقهية المبيّنة لذلك
وكل هذا يدخل في دائرة التقيّة وبيان حكمها الشرعي ، وفي المقابل جاء
التحذير الشديد بشأن النفاق وبيان مساوئه ، ولم يعد القرآن الكريم مَن
اتّقى إلّا بكلِّ خير ، بينما وعد المنافقين بكل عذاب مهين.
الفرق الرابع :
جواز التقيّة ثابت بنص القرآن الكريم ، وحرمة النفاق ثابتة بعشرات النصوص
القرآنية ، ولو جاز القول بأن التقيّة نفاق ، فلم يبق إلّا القول بأنّ
الشريعة الإسلامية أحلّت للمسلمين النفاق ثم نُسخ هذا الحكم بالحرمة ، وهو
كما ترى قول مضحك لا يقوله إلّا السفيه الأحمق.
الفرق الخامس :
التقيّة فضيلة كما مرّ والنفاق رذيلة بلا شكٍّ ، فكيف يجوز حمل أحدهما على الآخر.
الفرق السادس :
قولهم بنظرية عدالة الصحابة يثبّت الفرق بين التقيّة والنفاق بأوضح وجه ؛ لثبوت عمل الصحابة بالتقيّة كما سنبرهن عليه في
[١]
اُنظر : صحيح البخاري ٩ : ٨٩ ، باب ما يُكرَه من ثناء السلطان ، وإذا خرج قال غير
ذلك من كتاب الأحكام. والسنن الكبرى / البيهقي ٨ : ١٦٤ و ١٦٥. والسنن الواردة في الفتن / أبو
عمرو الداني١ ـ ٢ : ٤٠٨ ـ ٤٠٩ / ١٤٩. وفتح الباري ٣ : ١٧٠.