ومخالطة بعضهم بعضاً
، فالمصافحة والبشاشة ، والحضور المشترك في أماكن العبادة ، وتشييع الجنائز
، وعيادة المرضى ، لاشك أنها تزيل الضغائن ، وترفع الاحقاد الموروثة ،
وتحوّل العداوة إلى مودة ومؤآخاة.
ويؤيد هذا ، قوله تعالى : (
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )[١].
وقد تقدم بأن المقصود (بالتي هي أحسن)
هو : التقيّة ، فيكون من لوازم الدفع بها أن يصير العدو المعاند كأنه وليٌّ حميم.
٥ ـ التقيّة دعوة محكمة إلى اتباع سبل
الهدى ، كما يفهم من قوله تعالى : ( ادْعُ إِلَىٰ
سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ )[٢] ولا شكّ في دخول
التقيّة في مصاديق هذا القول الكريم ، ومعنى هذا أنّ التقيّة في مداراة أهل
الباطل تؤدي إلى اجتذابهم إلى الحق ، وتبصرتهم بعد العمى ، ويؤيّد ذلك ما
جاء عن الإمام العسكري عليهالسلام في تفسير قوله تعالى : (
وَقُولُوا لِلناسِ حُسناً )[٣]. قال عليهالسلام : «
قولوا للناس كلّهم حُسناً ، مؤمنهم ومخالفهم. أما المؤمن فيبسط لهم وجهه ، وأما المخالفون فيكلمهم بالمداراة لاجتذابهم إلى الإيمان »[٤].
ويفهم مما تقدم أنّ التقيّة من الإحسان
، وبما أن الإنسان عبد الإحسان ، تُرى ، فأي عاقل لا يحب من يُحسن إليه ، وإن كان ذلك الإحسان