المحرم شرعاً فليس له
أن يأكل عشرين قطعة من ذلك اللحم نفسه ، ولا أن يقتصر على تلك القطعة ويشرب
معها خمراً بحجة إرضاء السلطان الجائر تحت ستار التقيّة ، إذ لا تقية هنا
بحق الزيادة ؛ لعدم وجود الاكراه عليها.
٩
ـ التقيّة عند امكان التخلص من الضرر :
ومن موارد حرمة التقيّة عند بعضهم أن
يكون المُكرَه عليها قادراً على التخلص منها ، بحيث يجد في نفسه القدرة
الكافية على استخدام احدى وسائل التخلص من التقيّة ، وبما لا يترتب عليه
ضرر ولا حرج ، كما في استخدام التورية مثلاً ، ومع ذلك يلجأ إلى التقيّة ،
فهنا لا تجوز له لانها ستكون من غير ضرورة ، وقد مرّ حكم التقيّة من غير
ضرورة أيضاً.
وبالجملة فإنّ الميزان الدقيق في معرفة
موارد الحرمة الاُخرى ، هو أن تكون المصلحة المترتبة على ترك التقيّة لا
يرضى الشارع المقدس بتفويتها في التقيّة ، وكذلك فيما لو استقل العقل بوجوب
حفظها في جميع الاحوال.
القسم الخامس : التقيّة المكروهة :
وقد مثل بعضهم لها بإتيان ما هو مستحب
عند المخالفين مع عدم خوف الضرر لا عاجلاً ولا آجلاً ، مع كون ذلك الشيء
المستحب مكروهاً في الواقع ، وإلّا لو كان حراماً فالتقيّة باتيانه
لموافقتهم حرام ، وأما مع احتمال وقوع الضرر بالمخالفة فيكون الاتيان بما
وافقهم تقية مستحباً [١].
وخلاصة هذه الاقسام ، أنه يراعى في
معرفتها نوع المصلحة المترتبة على فعل التقيّة وعدمها.
[١]
القواعد الفقهية / البجنوردي ٥ : ٤٧ ، من قاعدة التقيّة.