قال : لا بدّ أن تنشدني.
فأنشده :
باتوا على قلل الأجبال تحرسهم
غلب الرّجال فما أغنتهم القلل
واستنزلوا بعد عزّ من معاقلهم
فأودعوا حفرا يا بئس [١] ما نزلوا!
ناداهم صائح [٢] من بعد ما قبروا
أين الأسرّة والتيجان والحلل
أين الوجوه التي كانت منعّمة
من دونها تضرب الأستار والكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم
تلك الوجوه عليها الدود يقتتل (٢٥ آ)
قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا
فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
قال : فأشفق من حضر على عليّ ، 2. وظنّ أن بادرة تبدر إليه. فبكى المتوكل بكاء شديدا حتى بلّت دموعه لحيته ، وبكى من حضر. ثم أمر برفع الشراب.
ثم قال : عليك يا أبا الحسن دين؟
قال : نعم ، أربعة آلاف دينار.
فأمر بدفعها إليه ، وردّه إلى منزله مكرّما.
وكانت ولادته يوم الأحد ثالث عشر شهر رجب ، وقيل يوم عرفة سنة أربع ، وقيل سنة ثلاث عشرة ومائتين.
ولما كثرت [٣] السعاية في حقّه عند المتوكل أحضره من المدينة ، وكان مولده بها ، وأقرّه بسرّمن رأى [٤]. وهي تدعى بالعسكر ، لأن