وَ كُنْ لِلَّهِ يَا بُنَيَّ عَامِلًا، وَ عَنِ الْخَنَا[1] زَجُوراً، وَ بِالْمَعْرُوفِ آمِراً، وَ عَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِياً، وَ وَاخِ الْإِخْوَانَ فِي اللَّهِ، وَ أَحِبَّ الصَّالِحَ لِصَلَاحِهِ، وَ دَارِ الْفَاسِقَ عَنْ دِينِكَ، وَ أَبْغِضْهُ بِقَلْبِكَ، وَ زَايِلْهُ بِأَعْمَالِكَ، كَيْ لَا تَكُونَ مِثْلَهُ، وَ إِيَّاكَ وَ الْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ، وَ دَعِ الْمُمَارَاةَ، وَ مُجَازَاةَ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَ لَا عِلْمَ.
وَ اقْتَصِدْ يَا بُنَيَّ فِي مَعِيشَتِكَ، وَ اقْتَصِدْ فِي عِبَادَتِكَ، وَ عَلَيْكَ فِيهَا بِالْأَمْرِ الدَّائِمِ الَّذِي تُطِيقُهُ، وَ الْزَمِ الصَّمْتَ تَسْلَمْ، وَ قَدِّمْ لِنَفْسِكَ تَغْنَمْ، وَ تَعَلَّمِ الْخَيْرَ تَعْلَمْ، وَ كُنْ لِلَّهِ ذَاكِراً عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَ ارْحَمْ مِنْ أَهْلِكَ الصَّغِيرَ، وَ وَقِّرْ مِنْهُمُ الْكَبِيرَ، وَ لَا تَأْكُلَنَّ طَعَاماً حَتَّى تَتَصَدَّقَ مِنْهُ قَبْلَ أَكْلِهِ، وَ عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ زَكَاةُ الْبَدَنِ وَ جُنَّةٌ لِأَهْلِهِ، وَ جَاهِدْ نَفْسَكَ، وَ احْذَرْ جَلِيسَكَ، وَ اجْتَنِبْ عَدُوَّكَ، وَ عَلَيْكَ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ، وَ أَكْثِرْ مِنَ الدُّعَاءِ فَإِنِّي لَمْ آلُكَ يَا بُنَيَّ نُصْحاً، وَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ.
وَ أُوصِيكَ بِأَخِيكَ مُحَمَّدٍ خَيْراً، فَإِنَّهُ شَقِيقُكَ وَ ابْنُ أَبِيكَ، وَ قَدْ تَعْلَمُ حُبِّي لَهُ، فَأَمَّا أَخُوكَ الْحُسَيْنُ فَهُوَ ابْنُ أُمِّكَ، وَ لَا أَزِيدُ الْوَصَاةَ بِذَلِكَ، وَ اللَّهُ الْخَلِيفَةُ عَلَيْكُمْ، وَ إِيَّاهُ أَسْأَلُ أَنْ يُصْلِحَكُمْ، وَ أَنْ يَكُفَّ الطُّغَاةَ الْبُغَاةَ عَنْكُمْ، وَ الصَّبْرَ الصَّبْرَ حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ الْأَمْرَ، وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
9- 9- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ الْقَطَّانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَامَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي سَائِلُكَ لِآخُذَ عَنْكَ، وَ قَدِ انْتَظَرْنَا أَنْ تَقُولَ مِنْ أَمْرِكَ شَيْئاً فَلَمْ تَقُلْهُ، أَ لَا تُحَدِّثُنَا عَنْ أَمْرِكَ هَذَا، أَ كَانَ بِعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) أَمْ شَيْءٌ رَأَيْتَهُ فَإِنَّا قَدْ أَكْثَرْنَا فِيكَ الْأَقَاوِيلَ، وَ أَوْثَقُهُ عِنْدَنَا مَا قُلْنَاهُ عَنْكَ وَ سَمِعْنَاهُ مِنْ فِيكَ، إِنَّا كُنَّا نَقُولُ: لَوْ رَجَعَتْ إِلَيْكُمْ
[1] الخنا: الفحش في الكلام.