بَكَتِ الْأَرْضُ وَ السَّمَاءُ عَلَى الشَّاخِصِ
مِنَّا يُرِيدُ أَهْلَ الْعِرَاقِ
يَا وَزِيرَ النَّبِيِّ قَدْ عَظُمَ الْخَطْبُ
وَ طَعْمُ الْفِرَاقِ مُرُّ الْمَذَاقِ
وَ إِذَا الْقَوْمُ خَاصَمُوكَ فَقَوْمٌ
نَاكِسُو الطَّرْفِ خَاضِعُو الْأَعْنَاقِ
لَا يَقُولُونَ إِذْ تَقُولُ وَ إِنْ
قُلْتَ فَقَوْلَ الْمُبَرَّزِ السَّبَّاقِ
فَعُيُونُ الْحِجَازِ تَذْرِفُ بِالدَّمْعِ
وَ تِلْكَ الْقُلُوبُ عِنْدَ التَّرَاقِي
فَعَلَيْكَ السَّلَامُ مَا ذَرَّتِ الشَّمْسُ
وَ لَاحَ السَّرَابُ بِالرَّقْرَاقِ
فَقَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا عَلَى الْأَرْضِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يُقِيمَ فِينَا مِنْكَ، لِأَنَّكَ نَجْمُنَا الَّذِي نَهْتَدِي بِهِ، وَ مَفْزَعُنَا الَّذِي نَصِيرُ إِلَيْهِ، وَ إِنْ فَقَدْنَاكَ لَتُظْلَمَنَّ أَرْضُنَا وَ سَمَاؤُنَا، وَ لَكِنْ وَ اللَّهِ لَوْ خَلَّيْتَ مُعَاوِيَةَ لِلْمَكْرِ، لَيَرُومَنَّ مِصْرَ، وَ لَيُفْسِدَنَّ الْيَمَنَ، وَ لَيَطْمَعَنَّ فِي الْعِرَاقِ، وَ مَعَهُ قَوْمٌ يَمَانِيُّونَ قَدْ أُشْرِبُوا قَتْلَ عُثْمَانَ، وَ قَدِ اكْتَفَوْا بِالظَّنِّ عَنِ الْعِلْمِ، وَ بِالشَّكِّ عَنِ الْيَقِينِ، وَ بِالْهَوَى عَنِ الْخَيْرِ، فَسِرْ بِأَهْلِ الْحِجَازِ وَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، ثُمَّ ارْمِهِ بِأَمْرٍ يَضِيقُ فِيهِ خِنَاقُهُ، وَ يُقَصِّرُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ. فَقَالَ: أَحْسَنْتَ وَ اللَّهِ يَا قَيْسُ، وَ أَجْمَلْتَ.
وَ كَتَبَتْ أُمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْحَارِثِ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) تُخْبِرُهُ بِمَسِيرِ عَائِشَةَ وَ طَلْحَةَ وَ الزُّبَيْرِ، فَأَزْمَعَ الْمَسِيرَ، فَبَلَغَهُ تَثَاقُلُ سَعْدٍ وَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ سَعْدٌ: لَا أَشْهَرُ سَيْفاً حَتَّى يَعْرِفَ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ، وَ قَالَ أُسَامَةُ: لَا أُقَاتِلُ رَجُلًا يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ لَوْ كُنْتَ فِي فَمِ الْأَسَدِ لَدَخَلْتُ فِيهِ مَعَكَ، وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ: أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) سَيْفاً، وَ قَالَ: إِذَا اخْتَلَفَ الْمُسْلِمُونَ فَاضْرِبْ بِهِ عَرْضَ أَحَدٍ، وَ الْزَمْ بَيْتَكَ، وَ تَخَلَّفَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ.
فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ: دَعِ الْقَوْمَ، أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَضَعِيفٌ، وَ أَمَّا سَعْدٌ فَحَسُودٌ، وَ أَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَذَنْبُكَ إِلَيْهِ أَنَّكَ قَتَلْتَ قَاتِلَ أَخِيهِ مَرْحَباً.
ثُمَّ قَالَ عَمَّارٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ: أَ مَا تُقَاتِلُ الْمُحَارِبِينَ فَوَ اللَّهِ لَوْ مَالَ عَلِيٌّ جَانِباً لَمِلْتُ مَعَ عَلِيٍّ.
وَ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ بَلَغَكَ عَنَّا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَا لَوْ كَانَ