الْخَلِيفَةُ، أَلَا وَ إِنِّي قَدْ وَهَبْتُ دَمَهُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ، فَقَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا كَانَ لِلَّهِ كَانَ اللَّهُ أَمْلَكَ بِهِ مِنْكَ، وَ لَيْسَ لَكَ أَنْ تَهَبَ مَا اللَّهُ أَمْلَكُ بِهِ مِنْكَ.
فَقَالَ: نَنْظُرُ وَ تَنْظُرُونَ، فَبَلَغَ قَوْلُ عُثْمَانَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكْتُ لَأَقْتُلَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بِالْهُرْمُزَانِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَقَالَ: وَ اللَّهِ لَئِنْ مَلَكَ لَفَعَلَ.
1514- 4- وَ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو ذَرٍّ عَلَى عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْبِرْنِي أَيُّ الْبِلَادِ أَحَبُّ إِلَيْكَ قَالَ: مُهَاجَرِي. فَقَالَ: لَسْتَ بِمُجَاوِرِي. قَالَ: فَأَلْحَقُ بِحَرَمِ اللَّهِ، فَأَكُونُ فِيهِ. قَالَ لَا:
قَالَ: فَالْكُوفَةُ أَرْضٌ بِهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ). قَالَ: لَا. قَالَ: فَلَسْتَ بِمُخْتَارٍ غَيْرَهُنَّ، فَأَمَرَهُ بِالْمَسِيرِ إِلَى الرَّبَذَةِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ لِي اسْمَعْ وَ أَطِعْ، وَ انْفَذْ حَيْثُ قَادُوكَ، وَ لَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ مُجَدَّعٍ.
فَخَرَجَ إِلَى الرَّبَذَةِ، وَ أَقَامَ مُدَّةً، ثُمَّ أَتَى إِلَى الْمَدِينَةِ، فَدَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ وَ النَّاسُ عِنْدَهُ سِمَاطَيْنِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي مِنْ أَرْضِي إِلَى أَرْضٍ لَيْسَ بِهَا زَرْعٌ وَ لَا ضَرْعٌ إِلَّا شُوَيْهَاتٌ، وَ لَيْسَ لِي خَادِمٌ إِلَّا مُحَرَّرَةٌ، وَ لَا ظِلٌّ يُظِلَّنِي إِلَّا ظِلُّ شَجَرَةٍ، فَأَعْطِنِي خَادِماً وَ غُنَيْمَاتٍ أَعِشْ فِيهَا، فَحَوَّلَ وَجْهَهُ عَنْهُ، فَتَحَوَّلَ عَنْهُ إِلَى السِّمَاطِ الْآخَرِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ حَبِيبُ بْنُ سَلَمَةَ: لَكَ عِنْدِي يَا أَبَا ذَرٍّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَ خَادِمٌ وَ خَمْسُ مِائَةِ شَاةٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَعْطِ خَادِمَكَ وَ أَلْفَكَ وَ شُوَيْهَاتِكَ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَى ذَلِكَ مِنِّي، فَإِنِّي إِنَّمَا أَسْأَلُ حَقِّي فِي كِتَابِ اللَّهِ.
فَجَاءَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَ لَا تُغْنِي عَنَّا سَفِيهَكَ هَذَا. قَالَ: أَيُّ سَفِيهٍ قَالَ: أَبُو ذَرٍّ. قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): لَيْسَ بِسَفِيهٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: مَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، وَ لَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ، أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنْزِلْهُ بِمَنْزِلَةِ مُؤْمِنِ آلِ فِرْعَوْنَ، إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ، وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ. قَالَ عُثْمَانُ: التُّرَابُ فِي فِيكَ. قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): بَلِ التُّرَابُ فِي فِيكَ، أَنْشُدُ بِاللَّهِ مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ ذَلِكَ لِأَبِي ذَرٍّ، فَقَامَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَ عَشْرَةٌ فَشَهِدُوا بِذَلِكَ، فَوَلَّى عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ).
1515- 5- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَلَى الْعَشَاءِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ إِذْ جَاءَ