أَيْضاً وَ تَنْمِي حَتَّى أَسْفَرَ وَجْهُهُ وَ أَشْرَقَ، وَ افْتَرَّ السَّيِّدُ ضَاحِكاً، وَ أَنْشَأَ يَقُولُ:
كَذَبَ الزَّاعِمُونَ أَنَّ عَلِيّاً
لَنْ يُنْجِيَ مُحِبَّهُ مِنْ هَنَاةٍ[1]
قَدْ وَ رَبِّي دَخَلْتُ جَنَّةَ عَدْنٍ
وَ عَفَا لِي الْإِلَهُ عَنْ سَيِّئَاتِي
فَأَبْشِرُوا الْيَوْمَ أَوْلِيَاءَ عَلِيٍ
وَ تَوَلَّوْا عَلِيّاً حَتَّى الْمَمَاتِ
ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ تَوَلَّوْا بَنِيهِ
وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ بِالصِّفَاتِ
ثُمَّ أَتْبَعَ قَوْلَهُ هَذَا:" أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَقّاً حَقّاً، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً، أَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَقّاً حَقّاً، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ثُمَّ أَغْمَضَ عَيْنَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَكَأَنَّمَا كَانَتْ رُوحُهُ ذُبَالَةً[2] طَفِئَتْ، أَوْ حَصَاةً سَقَطَتْ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: قَالَ لِي أَبِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَوْنٍ: وَ كَانَ أُذَيْنَةُ حَاضِراً، فَقَالَ:
اللَّهُ أَكْبَرُ، مَا مَنْ شَهِدَ كَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ، أَخْبَرَنِي- وَ إِلَّا فَصَمَّتَا- الْفُضَيْلُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ عَنْ جَعْفَرٍ (عَلَيْهِمَا السَّلَامُ) أَنَّهُمَا قَالا: حَرَامٌ عَلَى رُوحٍ أَنْ تُفَارِقَ جَسَدَهَا حَتَّى تَرَى الْخَمْسَةَ، حَتَّى تَرَى مُحَمَّداً وَ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ حَسَناً وَ حُسَيْناً (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) بِحَيْثُ تَقَرُّ عَيْنُهَا، أَوْ تُسْخَنَ عَيْنُهَا، فَانْتَشَرَ هَذَا الْقَوْلُ فِي النَّاسِ، فَشَهِدَ جَنَازَتَهُ وَ اللَّهِ الْمُوَافِقُ وَ الْمُفَارِقُ.
1294- 7- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ الْعَسْكَرِيُّ بِالْمِصِّيصَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْأَنْمَاطِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بِحَلَبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ النَّخَعِيُّ ابْنُ عَمِّ شَرِيكٍ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَسَأَلُوهُ عَنْ حَالِهِ، فَذَكَرَ ضَعْفاً شَدِيداً، وَ ذَكَرَ مَا يَتَخَوَّفُ مِنْ خَطِيئَاتِهِ، وَ أَدْرَكَتْهُ رَنَّةٌ فَبَكَى، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، اتَّقِ اللَّهَ، وَ انْظُرْ لِنَفْسِكَ، فَإِنَّكَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ، وَ قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِأَحَادِيثَ، لَوْ رَجَعْتَ عَنْهَا كَانَ خَيْراً لَكَ.
[1] الهناة: الداهية، و الهنات: خصال الشرّ.
[2] الذبالة: الفتيلة التي تسرج.