الْقَطِيفَةَ سِلْكاً سِلْكاً، فَبَاعَ الذَّهَبَ، وَ كَانَ أَلْفَ مِثَقَالِ، فَفَرَّقَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَ لَمْ يَتْرُكْ لَهُ مِنَ الذَّهَبِ قَلِيلًا وَ لَا كَثِيراً، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) مِنْ غَدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ حُذَيْفَةُ وَ عَمَّارٌ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، إِنَّكَ أَخَذْتَ بِالْأَمْسِ أَلْفَ مِثْقَالٍ، فَاجْعَلْ غَدَائِي الْيَوْمَ وَ أَصْحَابِي هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ، وَ لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَرْجِعُ يَوْمَئِذٍ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ[1] ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَقَالَ حَيَاءً مِنْهُ وَ تَكَرُّماً: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ فِي الرُّحْبِ وَ السَّعَةِ، ادْخُلْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَنْتَ وَ مَنْ مَعَكَ. قَالَ:
فَدَخَلَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ثُمَّ قَالَ لَنَا: ادْخُلُوا.
قَالَ حُذَيْفَةُ: وَ كُنَّا خَمْسَةَ نَفَرٍ، أَنَا وَ عَمَّارٌ وَ سَلْمَانُ وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ)، فَدَخَلْنَا وَ دَخَلَ عَلِيٌّ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ) يَبْتَغِي عِنْدَهَا شَيْئاً مِنْ زَادٍ، فَوَجَدَ فِي وَسَطِ الْبَيْتِ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيدٍ تَفُورُ، وَ عَلَيْهَا عُرَاقٌ[2] كَثِيرٌ، كَأَنَّ رَائِحَتَهَا الْمِسْكُ، فَحَمَلَهَا عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ، فَأَكَلْنَا مِنْهَا حَتَّى تَمَلَّأْنَا، وَ لَا يَنْقُصُ مِنْهَا قَلِيلٌ وَ لَا كَثِيرٌ، وَ قَامَ النَّبِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حَتَّى دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ (عَلَيْهَا السَّلَامُ)، وَ قَالَ: أَنَّى لَكِ هَذَا الطَّعَامُ، يَا فَاطِمَةُ فَرَدَّتْ عَلَيْهِ وَ نَحْنُ نَسْمَعُ قَوْلَهُمَا فَقَالَتْ: «هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ»[3].
فَخَرَجَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) إِلَيْنَا مُسْتَعْبِراً، وَ هُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى رَأَيْتُ لِابْنَتِي مَا رَأَى زَكَرِيَّا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِمَرْيَمَ. كَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً فَيَقُولُ لَهَا: يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا فَتَقُولُ: «هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ».
1272- 8- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مُسْكَانَ أَبُو عُمَرَ الْمَصِيصِيُّ الْفَقِيهُ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
[1] العروض: جمع عرض، و هو المتاع و حطام الدنيا.
[2] العراق: العظم جرّد لحمه.
[3] سورة آل عمران 3: 37.