يَكُونُ مَا تَقُولُ وَ قَدْ غَلَبْتَنَا قَسْراً وَ مَلَكْتَنَا تَجَبُّراً وَ دِنْتَنَا بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَ اسْتَوْلَيْتَ بِأَسْبَابِ الْفَضْلِ عَلَيْنَا فَأَمَّا إِطْرَاؤُكَ أَهْلَ الشَّامِ فَمَا رَأَيْتُ أَطْوَعَ لِمَخْلُوقٍ وَ أَعْصَى لِخَالِقٍ مِنْهُمْ، قَوْمٌ ابْتَعْتَ مِنْهُمْ دِينَهُمْ وَ أَبْدَانَهُمْ بِالْمَالِ، فَإِنْ أَعْطَيْتَهُمْ حَامُوا عَنْكَ وَ نَصَرُوكَ، وَ إِنْ مَنَعْتَهُمْ قَعَدُوا عَنْكَ وَ رَفَضُوكَ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: اسْكُتْ يَا ابْنَ صُوحَانَ، فَوَ اللَّهِ لَوْ لَا أَنِّي لَمْ أَتَجَرَّعْ غُصَّةَ غَيْظٍ قَطُّ أَفْضَلَ مِنْ حِلْمٍ وَ أَحْمَدَ مِنْ كَرَمٍ سِيَّمَا فِي الْكَفِّ عَنْ مِثْلِكَ وَ الِاحْتِمَالِ لِدُونِكَ لَمَا عُدْتَ إِلَى مِثْلِ مَقَالَتِكَ. فَقَعَدَ صَعْصَعَةُ فَأَنْشَأَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ:
قَبِلْتُ جَاهِلَهُمْ حِلْماً وَ تَكْرِمَةً
وَ الْحِلْمُ عَنْ قُدْرَةٍ فَضْلٌ مِنَ الْكَرَمِ.
5- 5- قَالَ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَنْبَسَةَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): مَا فُتِحَ لِأَحَدٍ بَابُ دُعَاءٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ بَابَ إِجَابَةٍ، فَإِذَا فَتَحَ لِأَحَدِكُمْ بَابَ دُعَاءٍ فَلْيَجْهَدْ، فَإِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا.
قال أبو الطيب: الملل من الإنسان الضجر و السامة، و من الله (تعالى) على جهة الترك للفعل، و إنما وصف نفسه بالملل للمقابلة بملل الإنسان، كما قال: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ[1] أي تركوا طاعته فتركهم من ثوابه.
6- 6- قَالَ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَنَزِيُّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَ قَدْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْعَنَزِيِّ، وَ قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ): تَارِكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ، فَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ يَسْلُبُ أُمَّتِي مُلْكَهَا وَ مَا خَوَّلَهَا اللَّهُ لَبَنُو قَنْطُورَ بْنِ كِرْكِرَةَ، وَ هُمُ التُّرْكُ.
7- 7- قَالَ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو الطَّيِّبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ:
[1] سورة التوبة 9: 67.