قَالَ الْحَارِثُ بْنُ نَوْفَلٍ: فَحَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: الْتَفَتَ الْعَبَّاسُ يَوْمَئِذٍ وَ قَدْ أَقْشَعَ النَّاسُ[1] عَنْ بَكْرَةِ أَبِيهِمْ، فَلَمْ يَرَ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي مَنْ ثَبَتَ، فَقَالَ: شَوْهَةً بَوْهَةً، أَ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ يَرْغَبُ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ بِنَفْسِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ هُوَ صَاحِبُ مَا هُوَ صَاحِبُهُ!- يَعْنِي الْمَوَاطِنَ الْمَشْهُورَةَ لَهُ- فَقُلْتُ: نَقَصَ قَوْلُكَ لِابْنِ أَخِيكَ يَا أَبَتِ. قَالَ: مَا ذَاكَ، يَا فَضْلُ قُلْتُ: أَ مَا تَرَاهُ فِي الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ، أَ مَا تَرَاهُ فِي الرَّهَجِ[2]، قَالَ: أَشْعِرْهُ لِي يَا بُنَيَّ. قُلْتُ: ذُو كَذَا ذُو كَذَا ذُو الْبُرْدَةِ. قَالَ: فَمَا تِلْكَ الْبَرْقَةُ قُلْتُ: سَيْفُهُ يُزِيلُ بِهِ بَيْنَ الْأَقْرَانِ. فَقَالَ: بَرُّ بْنُ بَرٍّ، فَدَاهُ عَمٌّ وَ خَالٌ. قَالَ: فَضَرَبَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَئِذٍ أَرْبَعِينَ مُبَارِزاً، كُلَّهُمْ يَقُدُّهُ حَتَّى أَنْفَهُ وَ ذَكَرَهُ، قَالَ: وَ كَانَتْ ضَرَبَاتُهُ مُبْتَكَرَةً[3].
1188- 2- وَ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَمَاعَةٌ، عَنْ أَبِي الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي مُقَاتِلٍ الْقِيرَاطِيُّ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ تَسْنِيمٍ الْحَضْرَمِيُّ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَوْتَعَةَ بْنِ صَبْرَةَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَوْتَعَةَ، قَالَ: قَدِمْنَا وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَسَأَلَهُ رَجُلَانِ مِنَّا عَنْ طَلَاقِ الْأَمَةِ، فَقَامَ مَعَهُمَا قَالَ: انْطَلِقَا، فَجَاءَ إِلَى حَلْقَةٍ فِيهَا رَجُلٌ أَصْلَعُ، فَقَالَ: يَا أَصْلَعُ، مَا طَلَاقُ الْأَمَةِ قَالَ: فَأَشَارَ لَهُ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا- يَعْنِي اثْنَتَيْنِ- قَالَ: فَالْتَفَتَ عُمَرُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ فَقَالَ: طَلَاقُهَا اثْنَتَانِ. فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، جِئْنَاكَ وَ أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلْنَاكَ، فَجِئْتَ إِلَى رَجُلٍ فَوَ اللَّهِ مَا كَلَّمَكَ! فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيْلَكَ أَ تَدْرِي مَنْ هَذَا هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، سَمِعْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَقُولُ: لَوْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ وُضِعَتا فِي كِفَّةٍ، وَ وُضِعَ
[1] أي تفرّقوا.
[2] الرهج: الغبار.
[3] أي إنّ ضربته كانت بكرا، يقتل بواحدة منها، لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا، يقال: ضربة بكر: إذا كانت قاطعة لا تثنّى.