رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فَقِيلَ لَهُمَا: إِنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى نَاحِيَةِ قُبَا، فَاتَّبَعَاهُ فَوَجَدَاهُ سَاجِداً تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَجَلَسَا يَنْتَظِرَانِهِ حَتَّى ظَنَّا أَنَّهُ نَائِمٌ، فَأَهْوَيَا لِيُوقِظَاهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِمَا، ثُمَّ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ مَكَانَكُمَا، وَ سَمِعْتُ مَقَالَكُمَا، وَ لَمْ أَكُنْ رَاقِداً، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ كُلَّ نَبِيٍّ كَانَ قَبْلِي إِلَى أُمَّتِهِ بِلِسَانِ قَوْمِهِ، وَ بَعَثَنِي إِلَى كُلِّ أَسْوَدَ وَ أَحْمَرَ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَ أَعْطَانِي فِي أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ، لَمْ يُعْطِهَا نَبِيّاً كَانَ قَبْلِي: نَصَرَنِي بِالرُّعْبِ، يَسْمَعُ بِي الْقَوْمُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، فَيُؤْمِنُونَ بِي، وَ أُحِلَّ لِيَ الْمَغْنَمُ، وَ جُعِلَ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَ طَهُوراً، أَيْنَمَا كُنْتُ مِنْهَا أَتَيَمَّمُ مِنْ تُرْبَتِهَا وَ أُصَلِّي عَلَيْهَا، وَ جَعَلَ لِكُلِّ نَبِيٍّ مَسْأَلَةً فَسَأَلُوهُ إِيَّاهَا فَأَعْطَاهُمْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وَ أَعْطَانِي مَسْأَلَةً، فَأَخَّرْتُ مَسْأَلَتِي لِشَفَاعَةِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أُمَّتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَ أَعْطَانِي جَوَامِعَ الْعِلْمِ وَ مَفَاتِيحَ الْكَلَامِ وَ لَمْ يُعْطِ مَا أَعْطَانِي نَبِيّاً قَبْلِي، فَمَسْأَلَتِي بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِمَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، مُؤْمِناً بِي، مُوَالِياً لِوَصِيِّي، مُحِبّاً لِأَهْلِ بَيْتِي.
82- 51- وَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَاتِبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الثَّلْجِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِيسَى بْنُ مِهْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ طَارِقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ (تَعَالَى): «لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً»[1] فَقَالَ: يَا كَثِيرُ إِنَّكَ رَجُلٌ صَالِحٌ، وَ لَسْتَ بِمُتَّهَمٍ، وَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تَهْلِكَ، إِنَّ كُلَّ إِمَامٍ جَائِرٍ فَإِنَّ أَتْبَاعَهُ إِذَا أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ نَادَوْا بِاسْمِهِ، فَقَالُوا: يَا فُلَانُ، يَا مَنْ أَهْلَكَنَا، هَلُمَّ فَخَلِّصْنَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، ثُمَّ يَدْعُونَ بِالْوَيْلِ وَ الثُّبُورِ، فَعِنْدَهَا يُقَالُ لَهُمْ: «لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً».
ثُمَّ قَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ (رَحِمَهُ اللَّهُ): حَدَّثَنِي أَبِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا عَلِيُّ، أَنْتَ
[1] سورة الفرقان 25: 14.