حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَيٍّ الْهُنَائِيِّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حَرْبِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي الْأَسْوَدِ، قَالَ: لَمَّا طَعَنَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، جَعَلَ الْأَمْرَ بَيْنَ سِتَّةِ نَفَرٍ: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، وَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَ طَلْحَةَ، وَ الزُّبَيْرِ، وَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَعَهُمْ يَشْهَدُ النَّجْوَى وَ لَيْسَ لَهُ فِي الْأَمْرِ نَصِيبٌ، وَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا لِذَلِكَ بَيْتاً، وَ يُغْلِقُوا عَلَيْهِمْ بَابَهُ.
قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ: فَكُنْتُ عَلَى الْبَابِ أَنَا وَ نَفَرٌ مَعِي، حَاجَتُهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا الْحِوَارَ الَّذِي يَجْرِي بَيْنَهُمْ، فَابْتَدَرَ الْكَلَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَقَالَ: لِيَذْكُرْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ رَجُلًا إِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا الْأَمْرُ كَانَتِ الْخِيَرَةُ لِصَاحِبِهِ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: قَدِ اخْتَرْتُ عَلِيّاً، وَ قَالَ طَلْحَةُ: قَدِ اخْتَرْتُ عُثْمَانَ، وَ قَالَ سَعْدٌ: قَدِ اخْتَرْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ.
فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ رَضِيَ الْقَوْمُ بِنَا، وَ قَدْ جُعِلَ الْأَمْرُ فِينَا وَ لَنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ، فَأَيُّكُمْ يُخْرِجُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ نَفْسَهُ، وَ يَخْتَارُ لِلْمُسْلِمِينَ رَجُلًا رِضًى[1] فِي الْأُمَّةِ فَأَمْسَكَ الشَّيْخَانِ، فَعَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِكَلَامِهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): كُنَّ أَنْتَ ذَلِكَ الرَّجُلَ. قَالَ:
فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْتَ وَ عُثْمَانُ، فَأَيُّكُمَا يَتَقَلَّدُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى أَنْ يَسِيرَ فِي الْأُمَّةِ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ بِسِيرَةِ صَاحِبَيْهِ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ فَلَا يَعْدُوهُمَا. قَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنِّي آخُذُهَا عَلَى أَنْ أَسِيرَ فِي الْأُمَّةِ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) جُهْدِي وَ طَوْقِي[2]، وَ أَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِرَبِّي. قَالَ: فَمَا عِنْدَكَ أَنْتَ يَا عُثْمَانُ قَالَ:
أَسِيرُ فِي الْأُمَّةِ بِسِيرَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ سِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَ عُمَرَ. قَالَ: قَرَّرَهَا عَلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ثَلَاثاً، وَ عَلَى عُثْمَانَ ثَلَاثاً، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمَا يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ.
فَلَمَّا تَوَافَقُوا عَلَى رَأْيٍ وَاحِدٍ قَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَسْمَعُوا مِنِّي قَوْلًا أَقُولُ لَكُمْ. قَالُوا: قُلْ يَا أَبَا الْحَسَنِ. قَالَ: فَإِنِّي أَسْأَلُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي يَعْلَمُ سِرَّكُمْ
[1] يقال: رجل رضى، أي مرضيّ عنه، و هو وصف بالمصدر على معنى المفعول.
[2] الطوق: الوسع و الطاقة.