الْإِثْنَيْنِ وَ الْخَمِيسِ. يَغْفِرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا عَبْداً كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ:
اتْرُكُوا عَمَلَ هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِيَّاكَ وَ الْهِجْرَانَ لِأَخِيكَ الْمُؤْمِنِ، فَإِنَّ الْعَمَلَ لَا يُتَقَبَّلُ مَعَ الْهِجْرَانِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَاماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ مَاتَ وَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَتُوبَ قَبْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَيُعْجِبُنِي الْجَمَالُ حَتَّى وَدِدْتُ أَنَّ عِلَاقَةَ سَوْطِي وَ قِبَالَ نَعْلِي[1] حَسَنٌ، فَهَلْ تَرْهَبُ عَلَيَّ ذَلِكَ فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُ قَلْبَكَ قَالَ:
أَجِدُهُ عَارِفاً لِلْحَقِّ مُطْمَئِنّاً إِلَيْهِ. قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِالْكِبْرِ، وَ لَكِنَّ الْكِبْرَ أَنْ تَتْرُكَ الْحَقَّ وَ تَتَجَاوَزَهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَ تَنْظُرَ إِلَى النَّاسِ فَلَا تَرَى أَحَداً عِرْضَهُ كَعِرْضِكَ وَ لَا دَمَهُ كَدَمِكَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ الْمُسْتَكْبِرُونَ. فَقَالَ رَجُلٌ: وَ هَلْ يَنْجُو مِنَ الْكِبْرِ أَحَدٌ، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: نَعَمْ، مَنْ لَبِسَ الصُّوفَ، وَ رَكِبَ الْحِمَارَ، وَ حَلَبَ الْعَنْزَ، وَ جَالَسَ الْمَسَاكِينَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ حَمَلَ بِضَاعَتَهُ، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ، يَعْنِي مَا يَشْتَرِي مِنَ السُّوقِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ (تَعَالَى) إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِزْرَةُ[2] الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، وَ لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ كَعْبِهِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ رَقَعَ ذَيْلَهُ، وَ خَصَفَ نَعْلَهُ، وَ عَفَّرَ وَجْهَهُ، فَقَدْ بَرِئَ مِنَ الْكِبْرِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ كَانَ لَهُ قَمِيصَانِ فَلْيَلْبَسْ أَحَدَهُمَا وَ لْيَكُنْ الْآخَرُ لِأَخِيهِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، سَيَكُونُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يُولَدُونَ فِي النَّعِيمِ وَ يُغَذَّوْنَ بِهِ، هِمَّتُهُمْ أَلْوَانُ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ، وَ يُمْدَحُونَ بِالْقَوْلِ، أُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ تَرَكَ لُبْسَ الْجَمَالِ، وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعاً لِلَّهِ، كَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةَ
[1] قبال النعل: الزّمام الذي يكون بين الإصبع الوسطى و التي تليها.
[2] الإزرة: هيئة الائتزار.