يَا أَبَا ذَرٍّ، أَ لَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِهِنَّ قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، فَقَدْ جَرَى الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَهَدُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يُكْتَبْ لَكَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، وَ لَوْ جَهَدُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعْمَلَ لِلَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِالرِّضَا فِي الْيَقِينِ فَافْعَلْ، وَ إِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً، وَ إِنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً.
يَا أَبَا ذَرٍّ، اسْتَغْنِ بِغَنَاءِ اللَّهِ يُغْنِكَ اللَّهُ. فَقُلْتُ: وَ مَا هُوَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: غَدَاءُ يَوْمٍ وَ عَشَاءُ لَيْلَةٍ، فَمَنْ قَنِعَ بِمَا رَزَقَهُ اللَّهُ فَهُوَ أَغْنَى النَّاسِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) يَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ كُلَّ كَلَامِ الْحَكِيمِ أَتَقَبَّلُ وَ لَكِنْ هَمَّهُ وَ هَوَاهُ، فَإِنْ كَانَ هَمُّهُ وَ هَوَاهُ فِيمَا أُحِبُّ وَ أَرْضَى جَعَلْتُ صَمْتَهُ حَمْداً لِي وَ وَقَاراً وَ إِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ اللَّهَ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى) لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَ لَا إِلَى أَمْوَالِكُمْ وَ لَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَ أَعْمَالِكُمْ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، التَّقْوَى التَّقْوَى هَاهُنَا، وَ أَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرْبَعٌ لَا يُصِيبُهُنَّ إِلَّا مُؤْمِنٌ: الصَّمْتُ وَ هُوَ أَوَّلُ الْعِبَادَةِ، وَ التَّوَاضُعُ لِلَّهِ (سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى)، وَ ذِكْرُ اللَّهِ (سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى) فِي كُلِّ حَالَةٍ، وَ قِلَّةُ الشَّيْءِ، يَعْنِي قِلَّةَ الْمَالِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، هُمَّ بِالْحَسَنَةِ، وَ إِنْ لَمْ تَعْمَلْهَا، لِكَيْلَا تُكْتَبَ مِنَ الْغَافِلِينَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ مَلَكَ مَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَ بَيْنَ لَحْيَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنُؤْخَذُ بِمَا تَنْطِقُ بِهِ أَلْسِنَتُنَا قَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، وَ هَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ، إِنَّكَ لَا تَزَالُ سَالِماً مَا سَكَتَّ، فَإِذَا تَكَلَّمْتَ كُتِبَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) فَيُكْتَبُ لَهُ بِهَا رِضْوَانُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فِي الْمَجْلِسِ لِيُضْحِكَهُمْ بِهَا فَيَهْوِي فِي