يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ اللَّهَ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) لَمَّا خَلَقَ الْأَرْضَ وَ خَلَقَ مَا فِيهَا مِنَ الشَّجَرِ، لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ شَجَرَةٌ يَأْتِيهَا بَنُو آدَمَ إِلَّا أَصَابُوا مِنْهَا مَنْفَعَةً، فَلَمْ تَزَلِ الْأَرْضُ وَ الشَّجَرُ كَذَلِكَ حَتَّى تَكَلَّمَ فَجَرَةُ بَنِي آدَمَ، وَ الْكَلِمَةُ الْعَظِيمَةُ قَوْلُهُمْ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً*، فَلَمَّا قَالُوهَا اقْشَعَرَّتِ الْأَرْضُ وَ ذَهَبَتْ مَنْفَعَةُ الْأَشْجَارِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الْأَرْضِ لَتَبْكِي عَلَى الْمُؤْمِنِ إِذَا مَاتَ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي أَرْضٍ قَفْرٍ فَتَوَضَّأَ أَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ أَذَّنَ وَ أَقَامَ وَ صَلَّى، أَمَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) الْمَلَائِكَةَ فَصَفُّوا خَلْفَهُ صَفّاً لَا يُرَى طَرَفَاهُ، يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ، وَ يَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ، وَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ أَقَامَ وَ لَمْ يُؤَذِّنْ، لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ إِلَّا الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ مَعَهُ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا مِنْ شَابٍّ يَدَعُ لِلَّهِ الدُّنْيَا وَ لَهْوَهَا، وَ أَهْرَمَ شَبَابَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ اثْنَيْنِ وَ سَبْعِينَ صِدِّيقاً.
يَا أَبَا ذَرٍّ، الذَّاكِرُ فِي الْغَافِلِينَ كَالْمُقَاتِلِ فِي الْفَارِّينَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، الْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَ الْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السَّوْءِ، وَ إِمْلَاءُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ السُّكُوتِ، وَ السُّكُوتُ خَيْرٌ مِنْ إِمْلَاءِ الشَّرِّ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِناً، وَ لَا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ، وَ لَا تَأْكُلْ طَعَامَ الْفَاسِقِينَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، أَطْعِمْ طَعَامَكَ مَنْ تُحِبُّهُ فِي اللَّهِ، وَ كُلْ طَعَامَ مَنْ يُحِبُّكَ فِي اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ).
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) عِنْدَ لِسَانِ كُلِّ قَائِلٍ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ امْرُؤٌ، وَ لْيَعْلَمْ مَا يَقُولُ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، اتْرُكْ فُضُولَ الْكَلَامِ، وَ حَسْبُكَ مِنَ الْكَلَامِ مَا تَبْلُغُ بِهِ حَاجَتَكَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَهُ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا مِنْ شَيْءٍ أَحَقَّ بِطُولِ السِّجْنِ مِنَ اللِّسَانِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ الْعِلْمِ وَ الْعُلَمَاءِ، وَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَ إِكْرَامَ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَ أَهْلِهِ، وَ إِكْرَامَ السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، مَنْ فَرَّ مِنْ رِزْقِهِ كَمَا يَفِرُّ مِنَ الْمَوْتِ لَأَدْرَكَهُ رِزْقُهُ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمَوْتُ.