يَا أَبَا ذَرٍّ، كُنْ عَلَى عُمُرِكَ أَشَحَّ مِنْكَ عَلَى دِرْهَمِكَ وَ دِينَارِكَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، هَلْ يَنْتَظِرُ أَحَدُكُمْ إِلَّا غِنًى مُطْغِياً، أَوْ فَقْراً مُنْسِياً، أَوْ مَرَضاً مُضْنِياً، أَوْ هَرَماً مُفَنِّداً[1]، أَوْ مَوْتاً مُحَيِّراً أَوِ الدَّجَّالَ فَإِنَّهُ شَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ وَ السَّاعَةُ أَدْهى وَ أَمَرُّ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ (تَعَالَى) يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَا يُنْتَفَعُ بِعِلْمِهِ، وَ مَنْ طَلَبَ عِلْماً لِيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ لَمْ يَجِدْ رِيحَ الْجَنَّةِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِذَا سُئِلْتَ عَنْ عِلْمٍ لَا تَعْلَمُهُ فَقُلْ: لَا أَعْلَمُهُ. تَنْجُ مِنْ تَبِعَتِهِ، وَ لَا تُفْتِ النَّاسَ بِمَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ تَنْجُ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، يَطَّلِعُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيَقُولُونَ: مَا أَدْخَلَكُمُ النَّارَ، وَ إِنَّمَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ بِفَضْلِ تَأْدِيبِكُمْ وَ تَعْلِيمِكُمْ! فَيَقُولُونَ: إِنَّا كُنَّا نَأْمُرُكُمْ بِالْخَيْرِ وَ لَا نَفْعَلُهُ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ حُقُوقَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِهَا الْعِبَادُ، وَ إِنَّ نِعَمَ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعِبَادُ، وَ لَكِنْ أَمْسُوا تَائِبِينَ وَ أَصْبِحُوا تَائِبِينَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكُمْ فِي مَمَرِّ اللَّيْلِ وَ النَّهَارِ فِي آجَالٍ مَنْقُوصَةٍ وَ أَعْمَالٍ مَحْفُوظَةٍ، وَ الْمَوْتُ يَأْتِي بَغْتَةً، فَمَنْ يَزْرَعُ خَيْراً يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ رَغْبَةً، وَ مَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يُوشِكُ أَنْ يَحْصُدَ نَدَامَةً، وَ لِكُلِّ زَارِعٍ مَا زَرَعَ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا يَسْبِقُ بَطِيءٌ بِحَظِّهِ، وَ لَا يُدْرِكُ حَرِيصٌ مَا لَمْ يُقَدَّرْ لَهُ، وَ مَنْ أَعْطَى خَيْراً فَاللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) أَعْطَاهُ، وَ مَنْ وُقِيَ شَرّاً فَإِنَّ اللَّهَ وَقَاهُ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، الْمُتَّقُونَ سَادَةُ، وَ الْفُقَهَاءُ قَادَةٌ وَ مُجَالَسَتُهُمْ زِيَادَةٌ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَرَى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ تَحْتَ صَخْرَةٍ يَخَافُ أَنْ تَقَعَ عَلَيْهِ، وَ الْكَافِرَ يَرَى ذَنْبَهُ كَأَنَّهُ ذُبَابٌ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ.
يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً جَعَلَ الذُّنُوبَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مُمَثَّلَةً.
[1] فند: خرف و ضعف عقله.