قَالَ: فَلَمَّا آنَسَ بِي سَأَلْتُهُ عَنْ سَوَادِ وَجْهِهِ فَأَبَى أَنْ يُخْبِرَنِي، ثُمَّ إِنَّهُ مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَعَدْتُ فَسَأَلْتُهُ، فَرَأَيْتُهُ كَأَنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَكْتُمَ عَلَيْهِ، فَضَمِنْتُ لَهُ الْكِتْمَانَ فَحَدَّثَنِي، قَالَ: وَجَّهَنِي الْمُتَوَكِّلُ أَنَا وَ الدِّيزَجَ لِنَبْشِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ إِجْرَاءِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا عَزَمْتُ عَلَى الْخُرُوجِ وَ الْمَسِيرِ إِلَى النَّاحِيَةِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: لَا تَخْرُجْ مَعَ الدِّيزَجِ وَ لَا تَفْعَلْ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فِي قَبْرِ الْحُسَيْنِ. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا جَاءُوا يَسْتَحِثُّونَنِي فِي الْمَسِيرِ، فَسِرْتُ مَعَهُمْ حَتَّى وَافَيْنَا كَرْبَلَاءَ، وَ فَعَلْنَا مَا أَمَرَنَا بِهِ الْمُتَوَكِّلُ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) فِي الْمَنَامِ فَقَالَ: أَ لَمْ آمُرْكَ أَلَّا تَخْرُجَ مَعَهُمْ وَ لَا تَفْعَلَ فِعْلَهُمْ، فَلَمْ تَقْبَلْ حَتَّى فَعَلْتَ مَا فَعَلُوا! ثُمَّ لَطَمَنِي وَ تَفَلَ فِي وَجْهِي، فَصَارَ وَجْهِي مُسْوَدّاً كَمَا تَرَى، وَ جِسْمِي عَلَى حَالَتِهِ الْأُولَى.
655- 102- أَخْبَرَنَا ابْنُ خُشَيْشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَرَّادِ أَبُو الْقَاسِمِ الْفَقِيهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَرْزَةَ الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ الدِّيزَجِ، وَ كُنْتُ جَارَهُ، أَعُودُهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَوَجَدْتُهُ بِحَالٍ سُوءٍ، وَ إِذَا هُوَ كَالْمَدْهُوشِ وَ عِنْدَهُ الطَّبِيبُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ، وَ كَانَتْ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ خُلْطَةٌ وَ أُنْسٌ يُوجِبُ الثِّقَةَ بِي وَ الِانْبِسَاطَ إِلَيَّ، فَكَاتَمَنِي حَالَهُ، وَ أَشَارَ لِي إِلَى الطَّبِيبِ، فَشَعُرَ الطَّبِيبُ بِإِشَارَتِهِ، وَ لَمْ يَعْرِفْ مِنْ حَالِهِ مَا يَصِفُ لَهُ مِنَ الدَّوَاءِ مَا يَسْتَعْمِلُهُ، فَقَامَ فَخَرَجَ وَ خَلَا الْمَوْضِعُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ: أُخْبِرُكَ وَ اللَّهِ وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ أَمَرَنِي بِالْخُرُوجِ إِلَى نَيْنَوَى إِلَى قَبْرِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَأَمَرَنَا أَنْ نَكْرَبَهُ وَ نَطْمِسَ أَثَرَ الْقَبْرِ، فَوَافَيْتُ النَّاحِيَةَ مَسَاءً مَعَنَا الْفَعَلَةُ وَ الرُّوزْكَارِيُّونَ مَعَهُمُ الْمَسَاحِي وَ الْمُرُورُ[1]، فَتَقَدَّمْتُ إِلَى غِلْمَانِي وَ أَصْحَابِي أَنْ يَأْخُذُوا الْفَعَلَةُ بِخَرَابِ الْقَبْرِ وَ حَرْثِ أَرْضِهِ، فَطَرَحْتُ نَفْسِي لِمَا نَالَنِي مِنْ تَعَبِ السَّفَرِ وَ نِمْتُ، فَذَهَبَ بِيَ النَّوْمُ فَإِذَا ضَوْضَاءٌ شَدِيدَةٌ وَ أَصْوَاتٌ عَالِيَةٌ، وَ جَعَلَ الْغِلْمَانُ يُنَبِّهُونَنِي، فَقُمْتُ وَ أَنَا ذَعِرٌ فَقُلْتُ لِلْغِلْمَانِ: مَا شَأْنُكُمْ قَالُوا: أَعْجَبُ شَأْنٍ. قُلْتُ: وَ مَا ذَاكَ قَالُوا: إِنَّ بِمَوْضِعِ الْقَبْرِ قَوْماً قَدْ حَالُوا بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْقَبْرِ، وَ هُمْ يَرْمُونَنَا مَعَ ذَلِكَ بِالنُّشَّابِ، فَقُمْتُ مَعَهُمْ لِأَتَبَيَّنَ الْأَمْرَ، فَوَجَدْتُهُ كَمَا
[1] المرور: جمع مرّ، و هو المسحاة أو ما كان نحوها.