الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ جَبْرٍ الْقَوَّاسُ خَالُ ابْنِ كُرْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) ذَاتَ يَوْمٍ بَغْلَتَهُ، فَانْطَلَقَ إِلَى جَبَلِ آلِ فُلَانٍ، وَ قَالَ: يَا أَنَسُ، خُذِ الْبَغْلَةَ وَ انْطَلِقْ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَ كَذَا، تَجِدْ عَلِيّاً جَالِساً يُسَبِّحُ بِالْحَصَى، فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَ احْمِلْهُ عَلَى الْبَغْلَةِ وَ آتِ بِهِ إِلَيَّ.
قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ فَوَجَدْتُ عَلِيّاً (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، فَحَمَلْتُهُ عَلَى الْبَغْلَةِ فَأَتَيْتُ بِهِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَنْ بَصُرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَإِنَّ هَذَا مَوْضِعٌ قَدْ جَلَسَ فِيهِ سَبْعُونَ نَبِيّاً مُرْسَلًا، مَا جَلَسَ فِيهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَحَدٌ إِلَّا وَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ، وَ قَدْ جَلَسَ فِي مَوْضِعِ كُلِّ نَبِيٍّ أَخٌ لَهُ مَا جَلَسَ مِنَ الْإِخْوَةِ أَحَدٌ إِلَّا وَ أَنْتَ خَيْرٌ مِنْهُ.
قَالَ أَنَسٌ: فَنَظَرْتُ إِلَى سَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْهُمَا وَ دَنَتْ مِنْ رُءُوسِهِمَا، فَمَدَّ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) يَدَهُ إِلَى السَّحَابَةِ، فَتَنَاوَلَ عُنْقُودَ عِنَبٍ فَجَعَلَهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ عَلِيٍّ، وَ قَالَ:
كُلْ يَا أَخِي، فَهَذِهِ هَدِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ (تَعَالَى) إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيْكَ.
قَالَ أَنَسٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِيٌّ أَخُوكَ قَالَ: نَعَمْ، عَلِيٌّ أَخِي. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْ لِي كَيْفَ عَلِيٌّ أَخُوكَ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) خَلَقَ مَاءً تَحْتَ الْعَرْشِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِثَلَاثَةِ آلَافِ عَامٍ، وَ أَسْكَنَهُ فِي لُؤْلُؤَةٍ خَضْرَاءَ فِي غَامِضِ عِلْمِهِ إِلَى أَنْ خَلَقَ آدَمَ، فَلَمَّا أَنْ خَلَقَ آدَمَ نَقَلَ ذَلِكَ الْمَاءَ مِنَ اللُّؤْلُؤَةِ فَأَجْرَاهُ فِي صُلْبِ آدَمَ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ اللَّهُ، ثُمَّ نَقَلَهُ إِلَى صُلْبِ شَيْثٍ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْمَاءُ يَنْتَقِلُ مِنْ ظَهْرٍ إِلَى ظَهْرٍ حَتَّى صَارَ فِي صُلْبِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ شَقَّهُ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِنِصْفَيْنِ، فَصَارَ نِصْفُهُ فِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَ نِصْفٌ فِي أَبِي طَالِبٍ، فَأَنَا مِنْ نِصْفِ الْمَاءِ وَ عَلِيٌّ مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ، فَعَلِيٌّ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) «وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً وَ كانَ رَبُّكَ قَدِيراً»[1].
[1] سورة الفرقان 25: 54.