377- 27- وَ رُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَ كَانَتْ لَيْلَةً قَمْرَاءَ، فَأَتَى الْجَبَّانَةَ، وَ لَحِقَهُ جَمَاعَةٌ يَقْفُونَ أَثَرَهُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا: شِيعَتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَتَفَرَّسَ فِي وُجُوهِهِمْ ثُمَّ قَالَ: فَمَا لِي لَا أَرَى عَلَيْكُمْ سِيمَاءَ الشِّيعَةِ! قَالُوا: وَ مَا سِيمَاءُ الشِّيعَةِ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: صُفْرُ الْوُجُوهِ مِنَ السَّهَرِ، عُمْشُ الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ، حُدْبُ الظُّهُورِ مِنَ الْقِيَامِ، خُمُصُ الْبُطُونِ مِنَ الصِّيَامِ، ذُبُلُ الشِّفَاهِ مِنَ الدُّعَاءِ، عَلَيْهِمْ غُبْرَةُ الْخَاشِعِينَ.
378- 28- وَ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): الْمَوْتُ طَالِبٌ وَ مَطْلُوبٌ، لَا يُعْجِزُهُ الْمُقِيمُ، وَ لَا يَفُوتُهُ الْهَارِبُ، فَقَدِّمُوا وَ لَا تَتَكَلَّمُوا، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَنِ الْمَوْتِ مَحِيصٌ، إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُقْتَلُوا تَمُوتُوا، وَ الَّذِي نَفْسُ عَلِيٍّ بِيَدِهِ لَأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ عَلَى الرَّأْسِ أَهْوَنُ مِنَ الْمَوْتِ عَلَى فِرَاشٍ.
379- 29- وَ مِنْ كَلَامِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَيُّهَا النَّاسُ أَصْبَحْتُمْ أَغْرَاضاً تَنْتَضِلُ فِيكُمْ الْمَنَايَا، وَ أَمْوَالُكُمْ نَهْبُ الْمَصَائِبِ، وَ مَا طَعِمْتُمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ طَعَامٍ فَلَكُمْ فِيهِ غُصَصٌ، وَ مَا شَرِبْتُمُوهُ مِنْ شَرَابٍ فَلَكُمْ فِيهِ شَرَقُ. وَ أَشْهَدُ بِاللَّهِ مَا تَنَالُونَ مِنَ الدُّنْيَا نِعْمَةً تَفْرَحُونَ بِهَا إِلَّا بِفِرَاقِ أُخْرَى تَكْرَهُونَهَا. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا خُلِقْنَا وَ إِيَّاكُمْ لِلْبَقَاءِ لَا لِلْفَنَاءِ، وَ لَكِنَّكُمْ مِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ تُنْقَلُونَ، فَتَزَوَّدُوا لِمَا أَنْتُمْ صَائِرُونَ إِلَيْهِ وَ خَالِدُونَ فِيهِ، وَ السَّلَامُ.
380- 30- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الْبَطَائِنِيِّ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ)، قَالَ: قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): أَفْضَلُ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ، وَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ، وَ إِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ، وَ إِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ، وَ صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَ حِجُّ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ مِيقَاتٌ لِلدِّينِ وَ مَدْحَضَةٌ لِلذَّنْبِ، وَ صِلَةُ الرَّحِمِ فَإِنَّهُ مَثْرَاةٌ لِلْمَالِ وَ مَنْسَأَةٌ لِلْأَجَلِ، وَ صَدَقَةُ السِّرِّ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ الْخَطِيئَةَ وَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَ صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا تَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ، وَ تَقِي مَصَارِعَ الْهَوَانِ، أَلَا فَاصْدُقُوا فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ مَنْ صَدَقَ، وَ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ مُجَانِبٌ