أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلًّا شَامِلًا، وَ سَيْفاً قَاطِعاً، وَ أَثَرَةً[1] يَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ فِيكُمْ سُنَّةً، تُفَرِّقُ جَمَاعَتَكُمْ، وَ تُبْكِي عُيُونَكُمْ، وَ تَمُنُّونَ عَمَّا قَلِيلٍ أَنَّكُمْ رَأَيْتُمُونِي فَنَصَرْتُمُونِي، وَ سَتَعْرِفُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ عَمَّا قَلِيلٍ، وَ لَا يُبَعِّدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ.
قَالَ: فَكَانَ جُنْدَبٌ لَا يَذْكُرُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا بَكَى، وَ قَالَ: صَدَقَ وَ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، قَدْ شَمِلَنَا الذُّلُّ، وَ رَأَيْنَا الْأَثَرَةَ، وَ لَا يُبَعِّدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ.
303- 5- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ خَالِدٍ الْمَرَاغِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلِ الْأَسَدِيُّ، عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَزَوَّرٍ، عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لِعَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا عَلِيُّ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ زَيَّنَكَ بِزِينَةٍ لَمْ يُزَيِّنِ الْعِبَادَ بِزِينَةٍ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْهَا، زَيَّنَكَ بِالزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَ جَعَلَكَ لَا تَرْزَأُ[2] مِنْهَا شَيْئاً، وَ لَا تَرْزَأُ مِنْكَ شَيْئاً، وَ وَهَبَ لَكَ حُبَّ الْمَسَاكِينِ، فَجَعَلَكَ تَرْضَى بِهِمْ أَتْبَاعاً، وَ يَرْضَوْنَ بِكَ إِمَاماً، فَطُوبَى لِمَنْ أَحَبَّكَ وَ صَدَقَ فِيكَ، وَ وَيْلٌ لِمَنْ أَبْغَضَكَ وَ كَذَبَ عَلَيْكَ، فَأَمَّا مَنْ أَحَبَّكَ وَ صَدَقَ فِيكَ فَأُولَئِكَ جِيرَانُكَ فِي دَارِكَ، وَ شُرَكَاؤُكَ فِي جَنَّتِكَ، وَ أَمَّا مَنْ أَبْغَضَكَ وَ كَذَبَ عَلَيْكَ فَحَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُوقِفَهُ مَوْقِفَ الْكَذَّابِينَ.
304- 6- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُ بْنُ مَالِكٍ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَسَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنِ مِهْرَانَ الْمُسْتَعْطَفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ طُفَيْلٍ، عَنْ أَبِي تِحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) يُعَاتِبُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، وَ يُوَبِّخُهُ عَلَى تَأَخُّرِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ قُعُودِهِ عَنِ الدُّخُولِ فِي بَيْعَتِهِ، وَ يَقُولُ لَهُ: يَا أَبَا مُوسَى، مَا الَّذِي أَخَّرَكَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَوَ اللَّهِ لَئِنْ
[1] الأثرة: استئثار أمراء الجور بالفيء.
[2] أي لا تأخذ و لا تنال.