عَبْدِ الْمُطَّلِبِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَائِداً، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا ثَقِيلَةٌ، وَ لَيْسَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا أَحَدٌ، فَانْصَرَفَ إِلَى دَارِهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لِرَسُولِهِ: قُلْ لَهُ: يَا ابْنَ أَخٍ، عَمُّكَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ لَكَ: قَدْ فَجَأَنِي مِنَ الْغَمِّ بِشَكَاةِ حَبِيبَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَ قُرَّةِ عَيْنِهِ وَ عَيْنِي فَاطِمَةَ مَا هَدَّنِي، وَ إِنِّي لَأَظُنُّهَا أَوَّلَنَا لُحُوقاً بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ اللَّهُ يَخْتَارُ لَهَا وَ يَحْبُوهَا وَ يُزْلِفُهَا لَدَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْرِهَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، فَاجْمَعْ- أَنَا لَكَ الْفِدَاءُ- الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارَ حَتَّى يُصِيبُوا الْأَجْرَ فِي حُضُورِهَا وَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا، وَ فِي ذَلِكَ جَمَالٌ لِلدِّينِ. فَقَالَ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِرَسُولِهِ وَ أَنَا حَاضِرٌ عِنْدَهُ: أَبْلِغْ عَمِّيَ السَّلَامَ، وَ قُلْ: لَا عَدِمْتُ إِشْفَاقَكَ وَ تَحَنُّنَكَ، وَ قَدْ عَرَفْتُ مَشُورَتَكَ وَ لِرَأْيِكَ فَضْلُهُ، إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) لَمْ تَزَلْ مَظْلُومَةً مِنْ حَقِّهَا مَمْنُوعَةً، وَ عَنْ مِيرَاثِهَا مَدْفُوعَةً، لَمْ تُحْفَظْ فِيهَا وَصِيَّةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، وَ لَا رُعِيَ فِيهَا حَقُّهُ، وَ لَا حَقُّ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، وَ كَفَى بِاللَّهِ حَاكِماً وَ مِنَ الظَّالِمِينَ مُنْتَقِماً، وَ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا عَمِّ أَنْ تَسْمَحَ لِي بِتَرْكِ مَا أَشَرْتَ بِهِ، فَإِنَّهَا وَصَّتْنِي بِسَتْرِ أَمْرِهَا.
قَالَ: فَلَمَّا أَتَى الْعَبَّاسَ رَسُولُهُ بِمَا قَالَهُ عَلِيٌّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِابْنِ أَخِي، فَإِنَّهُ لَمَغْفُورٌ لَهُ، إِنَّ رَأْيَ ابْنِ أَخِي لَا يُطْعَنُ فِيهِ، إِنَّهُ لَمْ يُولَدْ لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَوْلُودٌ أَعْظَمُ بَرَكَةً مِنْ عَلِيٍّ إِلَّا النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)، إِنَّ عَلِيّاً لَمْ يَزَلْ أَسْبَقَهُمْ إِلَى كُلِّ مَكْرُمَةٍ، وَ أَعْلَمَهُمْ بِكُلِّ قَضِيَّةٍ، وَ أَشْجَعَهُمْ فِي الْكَرِيهَةِ، وَ أَشَدَّهُمْ جِهَاداً لِلْأَعْدَاءِ فِي نُصْرَةِ الْحَنِيفِيَّةِ، وَ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ).
259- 11- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْجِعَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَبِيحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّنَا لِلَّهِ، وَ أَحَبَّ مُحِبَّنَا لَا لِغَرَضِ دُنْيَا يُصِيبُهَا مِنْهُ، وَ عَادَى عَدُوَّنَا لَا لِإِحْنَةٍ[1]
[1] الإحنة: الحقد و العداوة.