يَقُولُ: لَمَّا وُلِدَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وُلِدَ لَيْلًا، فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ قُرَيْشٍ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ: هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَ وَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَ عُتْبَةُ، وَ شَيْبَةُ، فَقَالَ:
أَ وُلِدَ فِيكُمُ اللَّيْلَةَ مَوْلُودٌ قَالُوا: لَا، وَ مَا ذَاكَ قَالَ: لَقَدْ وُلِدَ فِيكُمُ اللَّيْلَةَ أَوْ بِفِلَسْطِينَ مَوْلُودٌ اسْمُهُ أَحْمَدُ، بِهِ شَامَةٌ، يَكُونُ هَلَاكُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى يَدَيْهِ. فَسَأَلُوا فَأُخْبِرُوا، فَطَلَبُوهُ فَقَالُوا: لَقَدْ وُلِدَ فِينَا غُلَامٌ. فَقَالَ: قَبْلَ أَنْ آتِيَكُمْ أَوْ بَعْدُ قَالُوا: قَبْلُ.
قَالَ: فَانْطَلِقُوا مَعِي أَنْظُرْ إِلَيْهِ، فَأَتَوْا أُمَّهُ وَ هُوَ مَعَهُمْ، فَأَخْبَرَتْهُمْ كَيْفَ سَقَطَ، وَ مَا رَأَتْ مِنَ النُّورِ، قَالَ الْيَهُودِيُّ: فَأَخْرِجِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَ نَظَرَ إِلَى الشَّامَةِ فَخَرَّ مَغْشِيّاً عَلَيْهِ، فَأَدْخَلَتْهُ أُمُّهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالُوا لَهُ: وَيْلَكَ مَا لَكَ قَالَ ذَهَبَتْ نُبُوَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، هَذَا وَ اللَّهِ مُبِيرُهُمْ[1]، فَفَرِحَتْ قُرَيْشٌ لِذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَى فَرَحَهُمْ قَالَ: وَ اللَّهِ لَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ سَطْوَةً يَتَحَدَّثُ بِهَا أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ.
240- 53- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَنْبَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ قَيْسٍ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَمْرِيُّ عَنْ أَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَوْصَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ فِيمَا أَوْصَى بِهِ إِلَيْهِ: يَا بُنَيَّ، لَا فَقْرَ أَشَدُّ مِنَ الْجَهْلِ، وَ لَا عُدْمَ أَعْدَمُ مِنَ الْعَقْلِ، وَ لَا وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ، وَ لَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ، وَ لَا وَرَعَ كَالْكَفِّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَ لَا عِبَادَةَ كَالتَّفَكُّرِ فِي صَنْعَةِ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ).
يَا بُنَيَّ، الْعَقْلُ خَلِيلُ الْمَرْءِ، وَ الْحِلْمُ وَزِيرُهُ، وَ الرِّفْقُ وَالِدُهُ، وَ الصَّبْرُ مِنْ خَيْرِ جُنُودِهِ.
يَا بُنَيَّ، إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلْعَاقِلِ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ فِي شَأْنِهِ، فَلْيَحْفَظْ لِسَانَهُ، وَ لِيَعْرِفْ أَهْلَ زَمَانِهِ.
يَا بُنَيَّ، إِنَّ مِنَ الْبَلَاءِ الْفَاقَةَ، وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَرَضُ الْبَدَنِ، وَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَرَضُ
[1] أي مهلكهم.