يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اسْمَعُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ وَ أَطِيعُوهُ، فَإِنِّي أُخَوِّفُكُمْ عِقَابَ اللَّهِ «يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً»[1]، «وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ»[2].
ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، هَذَا مَوْلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ، وَ الْمُجَاهِدُ لِلْكَافِرِينَ. اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ بَلَّغْتُ، وَ هُمْ عِبَادُكَ وَ أَنْتَ الْقَادِرُ عَلَى صَلَاحِهِمْ فَأَصْلِحْهُمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَ لَكُمْ.
ثُمَّ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ فَأَتَاهُ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَ جَلَّ) يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَ يَقُولُ لَكَ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ تَبْلِيغِكَ خَيْراً، قَدْ بَلَّغْتَ رِسَالاتِ رَبِّكَ، وَ نَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ، وَ أَرْضَيْتَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ أَرْغَمْتَ الْكَافِرِينَ، يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ مُبْتَلًى وَ مُبْتَلًى بِهِ، يَا مُحَمَّدُ، قُلْ فِي كُلِّ أَوْقَاتِكَ" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ".
186- 40- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَرْزُبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ السِّجِسْتَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: لَمَّا سَيَّرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنَ عَبَّاسٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) إِلَى الطَّائِفِ، كَتَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ (رَحِمَهُ اللَّهُ): أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنْ ابْنَ الْجَاهِلِيَّةِ سَيَّرَكَ إِلَى الطَّائِفِ، فَرَفَعَ اللَّهُ (جَلَّ اسْمُهُ) بِذَلِكَ لَكَ ذِكْراً، وَ أَعْظَمَ لَكَ أَجْراً، وَ حَطَّ بِهِ عَنْكَ وِزْراً، يَا ابْنَ عَمِّ، إِنَّمَا يُبْتَلَى الصَّالِحُونَ، وَ إِنَّمَا تُهْدَى الْكَرَامَةُ لِلْأَبْرَارِ، وَ لَوْ لَمْ تُؤْجَرْ إِلَّا فِيمَا تُحِبُّ إِذَنْ قَلَّ أَجْرُكَ، قَالَ اللَّهُ (تَبَارَكَ وَ تَعَالَى): «وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ»[3] وَ هَذَا لَسْتُ أَشُكُّ أَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ عِنْدَ بَارِئِكَ، عَزَمَ
[1] سورة آل عمران 3: 30.
[2] سورة آل عمران 3: 28.
[3] سورة البقرة 2: 216.