النَّاسِ كُلِّهِمْ، وَ لَا يَكُونُ لَهُ رَجَاءٌ إِلَّا مِنَ اللَّهِ (عَزَّ وَ جَلَّ)، فَإِنَّهُ إِذَا عَلِمَ اللَّهُ (تَعَالَى) ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ شَيْئاً إِلَّا أَعْطَاهُ، أَلَا فَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، فَإِنَّ فِي الْقِيَامَةِ خَمْسِينَ مَوْقِفاً، كُلُّ مَوْقِفٍ مُقَامُ أَلْفِ سَنَةٍ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ «فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ»[1].
170- 24- أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُبَيْشٍ الْكَاتِبُ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الزَّعْفَرَانِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْيَمَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسِ يَقُولُ لِابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: لِيَكُنْ كَنْزُكَ الَّذِي تَدَّخِرُهُ الْعِلْمَ، كُنْ بِهِ أَشَدَّ اغْتِبَاطاً مِنْكَ بِكَنْزِ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ، فَإِنِّي مُوَدِّعُكَ كَلَاماً إِنْ أَنْتَ وَعَيْتَهُ اجْتَمَعَ لَكَ بِهِ خَيْرُ أَمْرِ الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ، لَا تَكُنْ مِمَّنْ يَرْجُو الْآخِرَةَ بِغَيْرِ عَمَلٍ، وَ يُؤَخِّرُ التَّوْبَةَ لِطُولِ الْأَمَلِ، وَ يَقُولُ فِي الدُّنْيَا قَوْلَ الزَّاهِدِينَ، وَ يَعْمَلُ فِيهَا عَمَلَ الرَّاغِبِينَ، إِنْ أُعْطِيَ مِنْهَا لَمْ يَشْبَعْ، وَ إِنْ مُنِعَ مِنْهَا لَمْ يَقْنَعْ، يَعْجِزُ عَنْ شُكْرِ مَا يُؤْتَى، وَ يَبْتَغِي الزِّيَادَةَ فِيمَا بَقِيَ، وَ يَأْمُرُ بِمَا لَا يَأْتِي.
يُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَ لَا يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ، وَ يُبْغِضُ الْفُجَّارَ وَ هُوَ أَحَدُهُمْ، وَ يَقُولُ: لِمَ أَعْمَلُ فَأَتَعَنَّى، أَلَا أَجْلِسُ فَأَتَمَنَّى، فَهُوَ يَتَمَنَّى الْمَغْفِرَةَ وَ قَدْ دَأَبَ فِي الْمَعْصِيَةِ، قَدْ عُمِّرَ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مِنْ تَذَكُّرٍ، يَقُولُ فِيمَا ذَهَبَ: لَوْ كُنْتُ عَمِلْتُ وَ نُصِبْتُ كَانَ ذُخْراً لِي، وَ يَعْصِي رَبَّهُ (تَعَالَى) فِيمَا بَقِيَ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ، إِنْ سُقِمَ نَدِمَ عَلَى الْعَمَلِ، وَ إِنْ صَحَّ أَمِنَ وَ اغْتَرَّ وَ أَخَّرَ الْعَمَلَ، مُعْجَبٌ بِنَفْسِهِ مَا عُوفِيَ، وَ قَانِطٌ إِذَا ابْتُلِيَ، إِنْ رُغِّبَ أَشِرَ، وَ إِنْ بُسِطَ لَهُ هَلَكَ، تَغْلِبُهُ نَفْسُهُ عَلَى مَا يَظُنُّ، وَ لَا يَغْلِبُهَا عَلَى مَا يَسْتَيْقِنُ، لَا يَثِقُ مِنَ الرِّزْقِ بِمَا قَدْ ضُمِنَ لَهُ، وَ لَا يَقْنَعُ بِمَا قُسِمَ لَهُ، لَمْ يَرْغَبْ قَبْلَ أَنْ يَنْصِبَ، وَ لَا يَنْصِبُ فِيمَا يَرْغَبُ، إِنِ اسْتَغْنَى بَطِرَ، وَ إِنِ افْتَقَرَ قَنَطَ، فَهُوَ يَبْتَغِي الزِّيَادَةَ وَ إِنْ لَمْ يَشْكُرْ، وَ يُضَيِّعُ مِنْ نَفْسِهِ مَا هُوَ
[1] سورة المعارج 70: 4.