فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَ اللَّهِ لَصَاعٌ مِنْ تَمْرٍ فِي شَنٍ[1] بَالٍ خَيْرٌ مِمَّا سَأَلَ مُحَمَّدٌ رَبَّهُ، هَلَّا سَأَلَهُ مَلَكاً يَعْضُدُهُ عَلَى عَدُوِّهِ، أَوْ كَنْزاً يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى فَاقَتِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (تَعَالَى):
«فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَ ضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ»[2].
165- 19- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ (رَحِمَهُ اللَّهُ)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السَّعْدَآبَادِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرْقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ حَضَرَ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَ هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَوْضِعِ الْعِظَةِ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: مَهْلًا مَهْلًا، إِنَّكُمْ تَأْمُرُونَ وَ لَا تَأْتَمِرُونَ، وَ تَنْهَوْنَ وَ لَا تَنْتَهُونَ، وَ تَعِظُونَ وَ لَا تَتَّعِظُونَ، أَ فَأَقْتَدِي بِسِيرَتِكُمْ، أَوْ طَاعَةً لِأَمْرِكُمْ فَإِنْ قُلْتُمْ: اقْتِدَاءً بِسِيرَتِنَا، فَكَيْفَ يُقْتَدَى بِسِيرَةِ الظَّالِمِينَ، وَ مَا الْحُجَّةُ فِي اتِّبَاعِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَالَ اللَّهِ دُوَلًا وَ جَعَلُوا عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا! وَ إِنْ قُلْتُمْ: أَطِيعُوا أَمْرَنَا وَ اقْبَلُوا نُصْحَنَا، فَكَيْفَ يَنْصَحُ غَيْرَهُ مَنْ لَمْ يَنْصَحْ نَفْسَهُ، أَمْ كَيْفَ تَجِبُ طَاعَةُ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُ عَدَالَةٌ! وَ إِنْ قُلْتُمْ: خُذُوا الْحِكْمَةَ مِنْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهَا، وَ اقْبَلُوا الْعِظَةَ مِمَّنْ سَمِعْتُمُوهَا، فَلَعَلَّ فِينَا مَنْ هُوَ أَفْصَحُ بِصُنُوفِ الْعِظَاتِ، وَ أَعْرَفُ بِوُجُوهِ اللُّغَاتِ مِنْكُمْ، فَتَزَحْزَحُوا عَنْهَا، وَ أَطْلِقُوا أَقْفَالَهَا، وَ خَلُّوا سَبِيلَهَا، يَنْتَدِبْ لَهَا الَّذِينَ شَرَدْتُمْ فِي الْبِلَادِ، وَ نَقَلْتُمُوهُمْ عَنْ مُسْتَقَرِّهِمْ إِلَى كُلِّ وَادٍ، فَوَ اللَّهِ مَا قَلَّدْنَاكُمْ أَزِمَّةَ أُمُورِنَا، وَ حَكَّمْنَاكُمْ فِي أَبْدَانِنَا وَ أَمْوَالِنَا وَ أَدْيَانِنَا لِتَسِيرُوا فِينَا بِسِيرَةِ الْجَبَّارِينَ، غَيْرَ أَنَّا نُصَبِّرُ أَنْفُسَنَا لِاسْتِبْقَاءِ الْمُدَّةِ وَ بُلُوغِ الْغَايَةِ وَ تَمَامِ الْمِحْنَةِ، وَ لِكُلِّ قَائِمٍ مِنْكُمْ يَوْمٌ لَا يَعْدُوهُ، وَ كِتَابٌ لَا بُدَّ أَنْ يَتْلُوَهُ «لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا
[1] الشّنّ: القربة الخلق الصغيرة.
[2] سورة هود 11: 12.