واعترض على الجواب : بأنّ الكلام في الحصول ذهناً ، ومغايرة مفهوم الحصول والتصوّر فيه غير ظاهر.
فإن أراد بقوله : لا يلزم من حصول أمرٍ تصوره أنّ الحصول تصوّر الأمر ، فيصير المعنى : لا يلزم من تصوّر أمر تصوّره ، وهو فاسد.
وإن أراد إذعان الأمر أي إذعان النسبة ، ويصير المعنى : لا يلزم من إذعان النسبة تصوّرها ، فهو خلاف الواقع ؛ لأنّ كل مُذْعَنٍ متصوّر.
فقوله : المعلوم ضرورةً نسبة الوجود ، أي المتصوَّر ضرورةً والمذعَن ضرورةً نسبة الوجود.
فيه : أنّ المستدلّ لا يريد غيره ؛ لأنّ حاصل دليله أنّ تصوّر هذه النسبة الخاصة أو إذعانها ضروري ، فيكون تصوّر النسبة المطلقة أو إذعانها أيضاً ضرورياً ؛ لأنّ المطلق جزء المقيّد ، فقوله : وهو غير تصوّر النسبة مسلم عند المستدلّ ؛ إذ الجزء غير الكل ، فالمغايرة لا يضرّ إثباتها.
وما قاله القائل في بيان الحاصل قد يقال عليه : إنّ تصوّر حصول النسبة يستلزم تصور النسبة ؛ إذ تصوّر المضاف يستلزم تصوّر المضاف إليه ، فإن أراد بالعلم تصوّر حصول النسبة فهو يفيد المدّعى ، وإن أراد الإذعان أي إذعان حصول النسبة فهو أيضاً يستلزم تصور النسبة.
وثانيهما : أنّ كل أحد يعلم أنّ الخبر يحسن في موضع ولا يحسن في آخر ، حتى أنّه يوقعه تارة ولا يوقعه اخرى ، وذلك يستلزم العلم بحقيقة الخبر ضرورة.
وأُجيب عنه : بأنّه يكفي في الحكم المذكور تصوّر الخبر بوجه ، ولا يستلزم ذلك بداهته بالكُنه ، حتى يستلزم بداهة الخبر المطلق بالكُنه.