ما احتملناه من إرادة الوجوب والندب من الأمر فما يوجد في كلام الأصحاب الذي رأينا كلامهم من استحباب الجمع بين الماء والأحجار [١] لا يقتضي انسحاب استحباب الوتر في الأحجار إليه.
وقد احتجّوا على كون الجمع أفضل : بأنّه جمع بين مطهّرين [٢] ، وبما رواه الشيخ عن أحمد بن محمّد ، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله 7 قال : « جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء » [٣].
ولا يخفى ما في إثبات الاستحباب بهذا من النظر ، إلاّ أنّه قابل للتسديد بسبب عدم الخلاف ، كما قيل [٤].
وما قد يقال : من أنّ ظاهر الخبر المرفوع بقاء حكم الوتر في الأحجار مع الماء فلا تبقى دلالة مفهوم الخبر المبحوث عنه سالمة ، ربما يجاب عنه : بأنّ مقتضى الخبر المرفوع اعتبار الثلاثة الأحجار فقط ، أمّا استحباب الوتر بالأحجار مطلقاً فلا تتحقق فيه المعارضة ، على أنّ الظاهر إمكان أنّ يقال : بعدم القائل بالفرق ، فيتم الإيراد على تقدير العمل بالأخبار ، وبدونه فالأمر سهل ، وما ذكرناه مشياً على كلام من رأيناه من الأصحاب فإنّهم أهملوا هذا التفصيل ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
بقي شيء وهو أنّ ما تضمنته الأخبار من عدم غسل الباطن ظاهر في الدبر.
[١] منهم ابن البراج في المهذب ١ : ٤٠ ، وأبو الصلاح في الكافي في الفقه : ١٢٧ ، والمحقق في المعتبر ١ : ١٣٦. [٢] منهم المحقق في المعتبر ١ : ١٣٦ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٤ ، وصاحب المدارك ١ : ١٦٨. [٣] التهذيب ١ : ٤٦ / ١٣٠ ، الوسائل ١ : ٣٤٩ أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٤. [٤] انظر المدارك ١ : ١٦٨.