وأرى هذا الكلام من العلاّمة في نهاية الغرابة ؛ لأنّ المتقدّمين لم يكن التفاتهم في الأحاديث إلى الأسانيد ، وذكرها في كتبهم ليس من جهة التصحيح ، كما يعلمه الآحاد ، فضلاً عن مثل العلاّمة.
ثم إنّ ما نقله عنه من الاحتجاج بالاعتبار لا يخلو من غرابة أيضا بالنسبة إلى الصدوق ، وهو أعلم بالحال.
والذي في الفقيه : ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة بماء الورد. ثم فيه مضمون الحديث السابق الدال على الحصر في الماء و [١] الصعيد [٢] ، ولا يخلو الجمع بين الأمرين من إشكال ، وقد ذكرت ما يصلح توجيها في حاشية الكتاب.
أمّا ما قاله الشيخ ; من أنّ هذا الخبر شاذّ [٣] ، فالمراد من الشاذّ عند أهل الدراية ما رواه الراوي الثقة مخالفاً لما رواه الأكثر ، وهو مقابل المشهور ، وقد تقرر في الدراية أيضا أنّ المخالف للشاذّ إنّ كان أحفظ وأضبط وأعدل من راوي الشاذ فشاذّ مردود ، وإنّ انعكس فكان الراوي للشاذّ أحفظ وأضبط له وأعدل من غيره من رواة مقابله فلا يردّ ؛ لأنّ في كل منهما صفة راجحة وصفة مرجوحة فيتعارضان ، ومن العلماء من ردّه مطلقاً ، نظراً إلى شذوذه وقوّة الظنّ بصحة جانب المشهور ، ومنهم من قَبِله مطلقاً نظراً إلى كون راويه ثقة في الجملة ، ولو كان راوي الشاذّ المخالف لغيره غير ثقة فحديثه منكر مردود [٤].
[١] في المصدر : أو. [٢] الفقيه ١ : ٦ ، ١١. [٣] التهذيب ١ : ٢١٩. [٤] انظر الدراية : ٣٧ ، ٣٨.