قال في الماء الآجن : « تتوضأ منه إلاّ أن تجد ماءً غيره ».
فليس ينافي الخبرين الأولين ، لأنّ الوجه في هذا الخبر إذا كان الماء قد تغيّر من قبل نفسه ، أو بمجاورة جسم طاهر ، لأنّ المحظور استعماله هو إذا كان متغيّراً بما يحلّه من النجاسة ، وعلى هذا الوجه لا تنافي بين الأخبار.
ما ذكره الشيخ فيه لا ريب يعتريه ، بل الذي يظهر من اللغة أنّ الآجن هو ما تغيّر من نفسه ، وقول الشيخ : أو بمجاورة جسم طاهر ؛ قد يوهم أنّ التغيّر لو كان بمجاورة جسم نجس يوجب تنجيسه ، وليس كذلك ، ومراده بالمجاورة وقوع الجسم في الماء ، كما ينبّه عليه قوله : إذا كان متغيّراً بما تحلّه من النجاسة.
ثمّ إنّ كراهة الوضوء بالماء الآجن إذا وجد غيره خالياً من ذلك يستفاد من الرواية على تقدير العمل بها ، ويراد من الكراهة قلّة الثواب بالنسبة إلى الوضوء بغيره ، لا الكراهة بالمعنى المقرّر في الأُصول ، لأنّ العبادة لا يكون تركها أولى ، كما قاله جماعة [٢].
أمّا ما اعترض به بعض فضلاء المتأخّرين : من أنّه يلزم كون جميع
[١] راجع ص : ٥٢ ٥٣. [٢] منهم المقدّس الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٧ ، ٣٦٥ و ٥ : ١٩٤.