لا معارضة مع دليل
الاخباري على الاحتياط لأنّ الجهالة التي تستوجب الارتكاب إنّما هو الجهالة بمجموع
الحكمين معاً فلا إطلاق لها لأكثر من ذلك.
والانصاف عدم
دلالة هذه الرواية على البراءة أيضاً إذ الجهالة المستلزمة لركوب المخالفة إنّما
هي الجهالة المطلقة المناسبة مع الغفلة والجهل المركب لا مطلق الجهالة الشاملة
للشك والتردد ، فإنّ المتردد الملتفت يتردد في الركوب لا انّه يركب المخالفة ،
ويؤيده نظر الامام إلى ما بعد وقوع الارتكاب ، فلو كان المقصود جعل البراءة عند
الشك كان الأولى ملاحظة حالة الجهل وانّه هل يجوز له الارتكاب ويحلّ أم لا فيقال
لا بأس بأن يرتكب كما في أخبار الحلّ.
فالانصاف عدم
تمامية الإطلاق المذكور في الرواية وإنّما هي ناظرة إلى حالات الغفلة والجهل
المركب.
ثمّ إنّه قد
يستشكل في أصل معقولية مرتبتين من البراءة احداهما موضوعها الشك في الواقع فقط والاخرى
موضوعها الشك في الواقع والظاهر معاً. وذلك بأنّ لازم البراءة الثانية اختصاص وجوب
الاحتياط على تقدير ثبوته واقعاً بفرض العلم به ، وهذا معناه أخذ العلم بالحكم
بوجوب الاحتياط في موضوع شخصه وهو محال ، وهذا يعني انّ دليل البراءة الثانية
بالملازمة ينفي وجوب الاحتياط رأساً فلا توجد إلاّبراءة واحدة ؛ نعم لو قلنا بمسلك
المشهور بأنّ الأحكام الظاهرية لا ثبوت لها ولا تعارض فيما بينها بوجوداتها
الواقعية لم يتم هذا الكلام إلاّ انّ المختار خلاف ذلك. ولعلّه لهذا حمل المشهور
هذه الطائفة الثانية على الارشاد إلى قبح العقاب بلا بيان ، إلاّ انّ هذا الحمل
غير صحيح عندنا بناءً على مسلك حق الطاعة كما هو واضح.