يلاحظ
على الاستدلال : أوّلاً : انّ « الوسط »
بمعنى العدل ، فالآية تصف الأُمّة الإسلامية بالوسطيّة ، إمّا لأنّهم أُمّة متوسطة
بين اليهود المفرّطين في حقّ الأنبياء حيث قتلوا أنبياءهم ، والنصارى الغلاة في
حقّهم حتى اتّخذوا المسيح إلهاً ، أو انّهم أُمّة متوسطة بين اليهود المكبَّة على
الدنيا ، والنصارى المعرضة عنها لأجل الرهبانية المبتدعة ، وأيّ صلة لهذا المعنى
بحجّية رأي الأُمّة في مسألة فقهية؟
ثانياً
: نفترض انّ الأُمّة الإسلامية خيار الأُمم وأفضلها لكنّه لا يدل على أنّـهم عدول
لا يعصون ، ولايدل على أنّهم معصومون لا يخطأون ، والمطلوب في المقام هو إثبات
عصمة الأُمّة ، كعصمة القرآن والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
حتى يكون ما أجمعوا عليه دليلاً قطعيّاً ، مثلَ ما ينطِقُ به الكتابُ والنبيّ
الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم والآية لا
تدل على عصمتهم.
وكون خبر العادل حجّة ، غير كون الإجماع
حجّة ، فإنّ الحجّة في الأوّل بمعنى كونه منجِّزاً إنْ أصاب ، ومعذِّراً إنْ أخطأ
، لا كونه مصيباً للواقع على كلّ حال ، وهذا بخلاف كون الإجماع حجّة فإنّ معنـاه ـ
بحكم عصمـة الأُمّــة ـ انّه مصيب للواقع بل نفسه والحكم قطعي.
ثالثاً
: انّ وصف الأُمّة جميعاً ، بالخيار والعدل ، مجاز قطعاً ، فإنّ بين الأُمّة من
بلغ من الصلاح والرشاد إلى درجة يُستدرّ بهم الغمام ، ومن بلغ في الشقاء أعلى
درجته فخضّب الأرض بدماء الصالحين والمؤمنين ، ومع ذلك كيف تكون الأُمّة بلا
استثناء خياراً وعدلاً ، وتكون بعامّة أفرادها شهداء على سائر الأُمم ، مع أنّ
كثيراً منهم لا تقبل شهادتُهم في الدنيا فكيف في الآخرة؟!