الثالث : التفصيل
بين ما لا يتوسط بين المقدّمة وذيها اختيار الفاعل
وهذا التفصيل غير التفصيل السابق ، لأنّ
السابق كان يركّز على الفرق بين العلل التوليدية والإعدادية ، وأمّا هذا فإنّما
يركز على خصوص العلل الإعدادية ، لكنّه يفصّل فيه بين ما لا يبقى للمكلّف بعد
العلل الإعدادية اختيار فيسري فيه ، وبين ما لا يسلب منه الاختيار فلا يسري فيه.
أمّا الأوّل : فكما لو علم أنّه لو دخل
المكان الفلاني لاضطرّ إلى ارتكاب الحرام قهراً دونما إذا لو دخله لا يكون مضطرّاً
إلى ارتكابه ، فالسراية متحقّقة في الأوّل دون الثاني.
نعم فلو أتى ـ في الثاني ـ بالمقدّمة
بقصد التوصّل إلى الحرام تحرم للتجرّي ، وأمّا إذا أتى من دون ذلك القصد فلا دليل
على الحرمة.
يلاحظ
عليه : أنّ ما ذكره في الصورة الأُولى صحيح
، وأمّا الصورة الثانية فقسّمه إلى ما أُتي بالمقدّمة بقصد التوصّل فحكم بالحرمة ،
دون ما إذا لم يكن بذلك القصد ، فنقول :
أمّا أوّلاً فانّه إذا أتى بالمقدّمة
التي يتمكّن مع الإتيان بها عن ترك ذيها بقصد التوصّل يكون تجرّياً ، والتجرّي لو
قلنا بحرمته حرام نفسي لا غيري ، والكلام في الحرمة الغيرية.
وثانياً : فانّه إذا لم يأت بتلك
المقدّمات بقصد التوصّل يكون محكوماً بحكم ذيها أيضاً ، وذلك لأنّ الميزان للسراية
ليس هو عدم التمكّن من ذيها ، بل الميزان كونه ممّا يتوقّف عليه المكروه والحرام ،
أو ممّا يقع في طريقه ، والملاكان موجودان في هذا القسم أيضاً ، أي القسم الثاني
من الصورة الثانية.