السادس : ما هو
الأصل فيما شكّ أنّه توصلي أو تعبّدي؟
إذا علم أنّ الواجب تعبدي أو توصلي يعمل
به حسب ما علم ، وأمّا إذا شكّ ، فهل هناك أصل لفظي يثبت كونه توصلياً أو لا؟
ثمّ إذا لم يكن هناك أصل لفظي فما هو
حكم الأصل العملي في المقام.
لا شكّ أنّه إذا شككنا في قيد المتعلّق
يتمسك بالإطلاق كما إذا قال : اعتق رقبة ، نتمسّك بإطلاق المتعلق ويحكم بعدم وجوب
الإيمان ، وأمّا المقام فهناك خصوصية ربّما تكون مانعة عن التمسّك بإطلاق المتعلق
، فإذا قال الشارع : أقم الصلاة لدلوك الشمس ، فربّما لا يمكن التمسّك ، بإطلاق
الصلاة لدفع الشك في اعتبار قصد القربة مثلاً ، وذلك لأنّ قيود المتعلق على قسمين
:
قسم ما ينوع المتعلّق إلى قسمين كرقبة
مؤمنة ورقبة كافرة ، فهذا ما يسمّى من القيود الواقعة تحت دائرة الطلب ، فكأنّ
الطلب يقع على المتعلق مطلقة أو مقيدة.
وقسم آخر لا ينوع المتعلّق إلى قسمين ،
وهو عبارة عن القيود الناشئة من جانب الأمر بالمتعلّق بحيث لولا الأمر لما يكون عن
هذا القيد عين ولا أثر ، وهذا كقصد الأمر في الصلاة ، فالصلاة المقيّدة بقصد الأمر
متقيّدة بقيد يأتي من قبل الأمر ، فلولا أمر الآمر لما يوصف المتعلق بقصد الأمر ،
ولأجل هذا التفاوت بين القيدين صار القسم الثاني محطاً للنزاع ، وانّ إطلاق
المتعلّق هل يدل على كون الواجب توصلياً أو لا؟ فمن قال بإمكان أخذ هذا القسم من
القيود في المتعلق قال بأنّ الأصل هو التوصلية إلاّ أن يدلّ الدليل على خلافه ،
وهذا خيرة الفقهاء من القدامى والمتأخّرين إلى عصر الشيخ الأنصاري.
وأمّا من قال بعدم جواز أخذه في
المتعلّق ، فذهب إلى أنّ الأصل هو التعبدية إلاّ أن يدل دليل على التوصلية وعليه
الشيخ الأنصاري والمحقّق الخراساني.