ما ذكره هؤلاء الأعلام أوضح شيء وقفت
عليه في الكتب الكلامية للأشاعرة. ومع ذلك كلّه فما ذكروه لا يسمن ولا يغني من جوع
، لأنّ التكلّم عندهم من صفات الذات وصفة التكلّم عندهم غير صفة الإرادة والعلم ،
وما ذكروه من المعاني المنتظمة في النفس التي لاتختلف مع اختلاف اللغات ترجع إلى
أحد الأمرين : إمّا معاني إخبارية فترجع إلى التصور والتصديق ، أو إنشائية فترجع
إلى الإرادة والكراهة ونظائرهما من الترجي والتمني والاستفهام ، فعندئذ يكون
الكلام النفسي من فروع العلم في الإخبار ، وفروع الإرادة والكراهة في الإنشائيات.
وبذلك أصبح الكلام النفسي بين الأُحجيّة
واللغز وما يرجع إلى العلم والإرادة.
إلى هنا تمّ الكلام في النقطة الثانية.
الثالثة : أدلّة
الأشاعرة على الكلام النفسي
استدلّت الأشاعرة على وجود الكلام
النفسي بوجوه نذكر منها أربعة :
الأوّل
: استدلّ السيد الشريف على الكلام النفسي وتبعه الفضل بن روزبهان في شرحه على كتاب
« نهج الحقّ » للعلاّمة الحلي بأنّ الرجل قد يأمر بما لا يريده ، كأمره للاختبار
فليس فيه الإرادة ولكن يطلق عليه الأمر ، وهذا دليل على وجود شيء في النفس المصحح
لإطلاق الأمر عليه ، وليس هو إلاّ الطلب وهو الكلام النفسي. [١]