الحمدُ للّه ربِّ العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الرسل والأنبياء محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وصحبهم المنتجبين.
وبعد : الاُسرة هي اللبنة الاُولى لتكوين المجتمع ، وهي نقطة الانطلاق في انشاء وتنشئة العنصر الإنساني ، ونقطة البدء المؤثرة في جميع مرافق المجتمع ومراحل سيره الايجابية والسلبية ، ولهذا أبدى الإسلام عناية خاصة بالاُسرة ، فوضع لها آدابا وفقها متكاملاً شاملاً لجميع جوانبها النفسية والسلوكية.
وآداب الاُسرة ، أو قل فقه الاُسرة لم ينشأ من فراغ ولا يبحث في فراغ ، وإنّما هو فقه واقعي ، يراعي الطبيعة البشرية بما فيها الفوارق الجسدية والنفسية بين الجنسين ، ويراعي الحاجات الفطرية ، فلا يبدلها ولا يعطلها ولا يحمّلها ما لا تطيق ، وهو يتمثل بالدقة في تناول كل خالجة نفسية وكل موقف وكل حركة سلوكية ، ويجعل العلاقات في داخل الاُسرة علاقات سكنٍ للروح وطمأنينةٍ للقلب وراحةٍ للجسد ، علاقات ستر واحصان ، ويهذب النفس للحيلولة دون استسلامها للاهواء والشهوات المتقلبة ، ويحررها من نزعات المطامع والرغبات الزائلة.
إنّها الآداب المستمدة من النصوص القرآنية والحديث الشريف ، والتي تواكب جميع المراحل التي تمرُّ بها الاُسرة قبل تشكيلها وبعده ، فتضع لكلِّ