القسم الأول: الصفات الكمالية للَّه
«كُلُّ شَيْءٍ خَاشِعٌ لَهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ قَائِمٌ بِهِ: غِنى كُلِّ فَقِيرٍ، وَعِزُّ كُلِّ ذَلِيل، وَقُوَّةُ كُلِّ ضَعِيفٍ، وَمَفْزَعُ كُلِّ ملْهُوفٍ. مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَهُ، وَمَنْ سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ، وَمَنْ عَاشَ فَعَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَمَنْ مَاتَ فَإِلَيْهِ مُنْقَلَبُهُ. لَمْ تَرَكَ الْعُيُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ، بَلْ كُنْتَ قَبْلَ الْوَاصِفِينَ مِنْ خَلْقِكَ. لَمْ تَخْلُقِ الْخَلْقَ لِوَحْشَةٍ، وَلَا اسْتَعْمَلْتَهُمْ لِمَنْفَعَةٍ، وَلَا يَسْبِقُكَ. مَنْ طلَبْتَ، وَلَا يُفْلِتُكَ، مَنْ أَخَذْتَ، وَلَا يَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ عَصَاكَ، وَلَايَزِيدُ فِي مُلْكِكَ مَنْ أَطَاعَكَ، وَلَايَرُدُّ أَمْرَكَ مَنْ سَخِطَ قَضَاءَكَ، وَلَا يَسْتَغْني عَنْكَ مَنْ تَوَلَّى عَنْ أَمْرِكَ. كُلُّ سِرًّ عِنْدَكَ عَلانِيَةٌ، وكُلُّ غَيْبٍ عِنْدَكَ شَهَادَةٌ. أَنْتَ الأَبَدُ فَلَا أَمَدَ لَكَ، وَأَنْتَ الْمُنْتَهَى فَلَا مَحِيصَ عَنْكَ، وَأَنْتَ الْمَوْعِدُ فَلَا مَنْجَى مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ. بِيَدِكَ نَاصِيَةُ كُلِّ دَابَّةٍ، وَإِلَيْكَ مَصِيرُ كُلِّ نَسَمَةٍ. سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ! سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ مَا نَرَى مِنْ خَلْقِكَ! وَمَا أصْغَرَ كُلَّ عَظِيمَةٍ فِي جَنْبِ قُدْرَتِكَ! وَمَا أَهْوَلَ مَا نَرَى مِنْ مَلَكُوتِكَ! وَمَا أَحْقَرَ ذلِكَ فِيَما غَابَ عَنَّا مِنْ سُلْطَانِكَ! وَمَا أَسْبَغَ نِعَمَكَ فِي الدُّنْيَا، وَمَا أَصْغَرَهَا فِي نِعَمِ الآخِرَةِ!».
الشرح والتفسير
كما ذكرنا سابقاً فانّ هذه الخطبة من أعمق خطب نهج البلاغة و أروعها و أجملها، وقد تطرق عليه السلام في بداية الخطبة إلى أوصافه سبحانه وتعالى الجمالية والجلالية وصفات الأفعال بصورة واسعة جامعة.