ثم أشار عليه السلام إلى شدة هذه الفتنة وجسامة خسائرها بعد أن شبهها بالناقة
المعدة للركوب وقد استسلمت لراكبها بعبارة أخرى فإن كل شيء جاهز للفتنة بحيث تكون
ضربة أصحابها غاية في الشدة و تلفاتها قليلة:
فالإمام عليه السلام بين خصائص هؤلاء القوم الذين يقتحمون الميدان بكامل العدة
والعدد، وسنرى لاحقاً ومن خلال ما ورد في التواريخ من تنطبق عليه هذه الأوصاف.
ثم أشار الإمام عليه السلام إلى نقطة مهمّة وهى عدم تداوم هذه الفتنة لمدة
طويلة، حيث يتصدى لها طائفة من أولياء الله فيهبون للوقوف بوجه أصحاب هذه الفتن
(ويقضون عليهم)، ثم وصف هذه الطائفة بأنّها ذليلة لدى المتكبرين، فهى ليست معروفة
في الأرض، لكنها معروفة في السماء:
«يجاهدهم في سبيل الله قوم أذلة عند
المتكبرين، في الأرض مجهولون، وفي السماء معروفون».
فهذه الطائفة من أولياء الله ذات المقام الرفيع لديه والشديدة في الجهاد في
سبيل الله ستخمد نار الفتنة، كما تفقد هذه الطائفة منزلتها لدى المتكبرين بسبب
زهدها في الدنيا وبعدها عن التظاهر والرياء، فهى مجهولة في الأرض بين الناس، بينما
معروفة لدى ملائكة السماء الخبيرة بباطن هذا العالم.
أمّا من هم هؤلاء القوم الذين أخبر الإمام عليه السلام عن فتنتهم وفجائهم، ومن
هم المجاهدون الذين سيتصدون لهم ويخمدوا نيران الفتنة، فيبدوهنالك اختلاف بين
شرّاح نهج البلاغة بهذا الشأن.