إستهل الإمام عليه السلام خطبته بحمد الله والثناء عليه لتتهيى القلوب لسماع
الكلمات القادمة في الوعظ والنصح، فقال عليه السلام:
«نحمده على ما كان»
فمفهوم هذه العبارة واسع شامل، حيث تشمل النعم التي يفيضها الله سبحانه وتعالى
على العباد، كما تشمل الحوادث المريرة والأليمة. وذلك لأنّ خاصة عباد الله تعد كل
ما صدر من الله نعمة ورحمة، فترى عليها شكره على كل حال.
ثم قال عليه السلام:
«ونستعينه من أمرنا على ما يكون»
، فمن الطبيعي أن يكون الحمد والثناء على الماضي، والاستعانة على المستقبل،
وهذا هو ديدن العباد المخلصين الذي يكمن في شكر البارىء على ماكان والاستعانة به
على ما يكون.
ثم قال عليه السلام
: «ونسأله المعافاة في الأديان، كما نسأله المعافاة في الأبدان»
، فالعبارة إشارة إلى نقطة لطيفة وهى أنّ الناس لو أولوا سلامة دينهم ذات
الأهمية التي يولونها لسلامة ابدانهم ودنياهم، لأخذوا العافية بطرفيها ونجوا.
إلّاأنّ المؤسف له أنّ الإنسان قد يتعرض إلى مرض بسيط فتراه يراجع عدداً من
الأحياء، بينما لا يتجه إلى طبيب واحد حتى لو أصابته عشرات الأمراض الروحية
والأخلاقية الخطيرة.
هذا وقد أورد بعض شرّاح نهج البلاغة عن بعض المفكرين قوله لو سكبت عشر هذه الدموع
التي تسكب على البطون الجائعة والأبدان العارية على الأرواح الجائعة للمعرفة