إشارة إلى أنّ كافة النعم من عند اللَّه وما يصيب الإنسان من توفيق وسعادة
فبلطفه وفضله، وعليه فلا ينبغي الاغترار بالطاعة، كما أنّ مرجع الذنوب والمعاصي
تقصير الإنسان فلا ينبغي أن يلوم الإنسان إلّانفسه ولا ينسب أخطائه إلى الآخرين أو
يبررها بالقضاء والقدر، بل عليه أن يسارع إلى التوبة.
تأمّلان
1- الجاهل من جهل قدر نفسه
إنّ أغلب المشاكل الاجتماعية إنّما تنبع من الطموحات الطائشة، أو تجاوز
الإنسان لحدوده الطبيعية والطمع بالمنصب الذي لا يستحقه أو لا يمتلك الجدارة
اللازمة للنهوض به؛ ولا شك أنّ كل هذا إنّما تفرزه قضية مهمّة تكمن في جهل الإنسان
بقدره وعدم تقييمه له بصورة صحيحة، وما ذلك إلّالحب الذات والمبالغة في نقاط القوة
وعدم الالتفات إلى نقاط الضعف.
ولا شك أنّ اضرار هذا الأمر لا تقتصر على الإنسان لوحده فحسب، بل تنسحب على
المجتمع بأسره، ولربما استطاع الفرد أن يشغل منصباً فيقوم بوظيفته على أحسن وجه
بما يضمن له السعادة وإلى المجتمع الرفاه والأمن، غير أنّه وإثر جهله بنفسه وطمعه
بما لا يستحقه يبدد طاقاته عبثاً ويكبد نفسه والمجتمع مالا يحصى من الخسائر والأضرار.
وياليت الجميع كبيرهم وصغيرهم وعالمهم وجاهلهم أعادوا النظر في هذا الأمر الحيوي
واقصوا عن أنفسهم الحجب التي تحول دون معرفتهم لذواتهم ليجدوا من أجل تحقيق
أهدافهم وسعادة مجتمعاتهم. ومن هنا ورد التأكيد كراراً في نهج البلاغة على هذه
المسألة، ومن ذلك ما ورد في الخطبة 103
«العالم من عرف قدره وكفى بالمرء
جهلًا الا يعرف قدره»
. كما ورد في الرسالة 31 من نهج
[1] «وراء» من مادة «ورى» على وزن
«وزن» وفي الأصل بمعنى الاستتار، وأحيانا يطلق على الشيء الذي حُجب عن الانظار
بواسطة حاجز فاصبح غير منظور باعتباره خلف الشيء أو وراءه.
وفي العبارة أعلاه جاءت هذه الكلمة بمعنى، الخلف أو الوراء.