responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 295

وراء هذا السكوت سوى‌ مصالح الإسلام والمسلمين، ثم يستشهد على‌ ذلك بالمثل العربي المعروف فيقول «بعد اللتيا والتي».

و قصة هذا المثل أنّ رجلًا تزوج من إمرأة كانت قصيرة القامة وصغيرة وسيئة الخلق فذاق منها الأمرين حتى طلقها. ثم تزوج من إمرأة طويلة القامة فآذته كسابقتها حتى اضطر لطلاقها، فلما عرضى عليه الزواج قال: «بعد اللتيا والتي لا أتزوج أبداً» فصار ذلك مثلًا يضرب من أجل الحوادث الكبيرة والصغيرة، فالإمام عليه السلام يشير إلى‌ أنّه إجتاز كل تلك الحوادث والخطوب فهل من سبيل إلى‌ الخوف والخشية.

2- لم أخاف الموت؟!

القضية الاخرى‌ التي أشار إليها الإمام عليه السلام قوله:

«لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي امه»

. فالثدي ولبن الام أساس حياة الطفل، ومن هنا فان هذا الطفل يعيش حالة من الجزع والانين والصراخ إذا ما جرد من هذا الثدي وكأنّه سلب الدنيا برمتها، فاذا عاد إليه سكن وقر وشعر بالفرح والسرور وكأنّه نال الدنيا بما فيها؛ إلّاأنّ هذه العلاقة مهما كانت فهى تستند إلى‌ الغريزة؛ أمّا علاقة الإمام عليه السلام والعرفاء بالموت ولقاء اللَّه (و لا سيما الشهادة في سبيل اللَّه) فهى علاقة قائمة على أساس العقل والمنطق والعشق. فهم لايرون الموت سوى‌ إنطلاقة الحياة الجديدة في ذلك العالم الأوسع والأشمل. يرون الموت نافذة على عالم البقاء والخلود والخلاص من هذا السجن وتحطيم قيوده وأغلاله والتحليق نحو العالم العلوي ومجاورة الرحمن. فهل من عاقل يتردد في التحرر من قضيان السجن والخلاص من هذه القيود والانحلال‌ [1]. نعم إنّما يخشى الموت من يراه فاتحة لكل شي‌ء وبداية للعذاب الذي ينتظره بفعل ما قارفه من رذائل وفواحش. فأنى للإمام عليه السلام بالخوف من الموت وهو ما عليه من المعارف والعلوم والسمو والرفعة؟ ومن هنا يقسم عليه السلام بانّه آنس بالموت من الطفل بثدي امه. كما قال في موضع آخر:

«فواللَّه ما ابالي دخلت إلى‌ الموت أو خرج الموت إلى‌» [2]

. بل هذا ماجسده عمليا حين ضربه ابن ملجم بالسيف على رأسه فصرخ قائلًا:

«فزت وربّ الكعبة» [3].


[1] لقد تناول أحد الشعراء المعروفين هذه الحالة ليشبهها بنوعين من الأفراد، طائفة قليلة المعرفة فهى كالثمار الخام التي تلتصق بشدة في الشجرة، واخرى‌ عارفة وهى كالثمار الناضجة التي تتساقط بيسر وسهولة من الشجرة.

[2] نهج البلاغة، الخطبة 55.

[3] بحارالانوار 42/ 239.

نام کتاب : نفحات الولاية نویسنده : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    جلد : 1  صفحه : 295
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست