مجردة عن الجسم أو غير مجردة ليس من ورائه طائل، إلّاأنّ ظاهر الآيات
والروايات- إذا لم نطرح لها توجيها وتفسيراً خاصاً- هو أنّ الملائكة ليس من قبيل
المواد الكثيفة والعناصر الخشنة، مع ذلك فهم ليسوا مجردات مطلقة، لتضافر الروايات
والآيات التي صرّحت بعروض الزمان والمكان والأوصاف الاخرى الملازمة للأجسام
عليهم. وهذا ما تؤكده عبارات الإمام عليه السلام في هذا القسم من خطبته وكذلك ما
ورد في خطبته المعروفة بالأشباح. ولكن على كل حال فانّ الإيمان بالملائكة على نحو
الإجمال لمن الامور التي أكد عليها القرآن الكريم، فقد ورد في الآية 285 من سورة
البقرة قوله تعالى:
الجدير بالذكر هنا هو أنّ بعض المغفلين وارضاءً لُاولئك الذين ينكرون عوالم
الغيب فقد عمدوا إلى تفسير الملائكة بالقوى والطاقات التي تختزنها الطبيعة
الإنسانية وسائر الموجودات والكائنات، والحال أنّ أدنى تأمل ونظرة إجمالية للآيات
القرآنية تفيد رفض هذه الفكرة تماماً؛ كيف لا وقد ثبتت بعض الصفات للملائكة من
قبيل العقل والشعور والإيمان والاخلاص والعصمة.
2- أصناف الملائكة
الملائكة على أصناف وأقسام عديدة على ضوء ما أشارت الآيات والروايات، وقد وردت
في هذه الخطبة الأصناف الأربعة الرئيسية منهم «أرباب العبادة والسفراء وحفظة
العباد كالكرام الكاتبين ومنهم سدنة الجنان وحملة العرش». ولكن وكما ذكرنا سابقاً
فانّ الآيات القرآنية قد أشارت إلى الأصناف الاخرى من الملائكة، ومنهم الموكلون
بعذاب الاممّ الطاغية الظالمة، والموكلون بالامدادات الغيبية ونصرة المؤمنين
ومدبرات الأمر وقبضة الأرواح، غير أنّه يمكن اختصار جميع هذه الطوائف في مدبرات
الأمر التي تتولى إدارة شؤون