المعروف هو أنّ الثروة تجلب الثروة، أي أنّ مقداراً من رأس مال يكون أرضية
لربح رأس مال أكبر، وكلما ازداد مقداره ازداد مورد الإنسان من رأس ماله.
أنّ هذا الأمر ينطبق على العلوم والمعارف كذلك، فالذين يملكون رأس مالٍ من
العلوم تتوفر عندهم الأرضية الخصبة لتقبل علوم ومعارف اخرى، ولهذا قلنا: إنّ
المعرفة تهىء الأرضية للمعرفة أي لنيل معارف اخرى هي أرفع وأوسع.
وقبل الخوض في البحث نمعن خاشعين للآيتين التاليتين:
إنّ الآية الاولى من جملة الآيات الكثيرة في سورة الروم التي أشارت لآيات
الآفاق والأنفس، وعدت بعضاً من آيات اللَّه في العالم الأكبر (الكون) وبعضاً من
آيات العالم الأصغر «الإنسان» فاشارت الآية إلى العالم الأكبر من جهة «وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ»، ثم أشارت إلى بعض دقائق خلق الإنسان من جهة اخرى «وَاخْتِلَافِ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ».
الاختلاف ليس في الألسنة والألوان الظاهرة فحسب، بل في السنة الفكر وألوان
الأذواق والبواطن، فانّها مختلفة إلى درجة بحيث لا يمكن العثور على شخصين
متشابهين