و الانصاف ان أقرب طريق للجمع بينهما هو ما أشرنا إليه من التفصيل بحسب
الازمان و الأشخاص، فالذي هو علم للأمة، و مقياس للدين، و به يقتدى الناس و يعرف
قربه من أهل البيت عليهم السلام يرجح له استقبال الحتوف و تحمل المضار البالغة حد
الشهادة في سبيل اللّه، بل قد يجب له إذا كان ترك ذلك ضررا على الدين و مفسدة للحق
و تزلزلا في أركان الإسلام.
ففي مثل عصر بنى أمية، و لا سيما البرهة المظلمة التي كانت في زمن معاوية بعد
شهادة أمير المؤمنين عليه السلام و ما شاكله، الذي أراد المشركون و بقية الأحزاب
الجاهلية، و أغصان الشجرة الخبيثة الملعونة في القرآن، ليطفؤا نور اللّه بأفواههم
و يأبى اللّه الا ان يتم نوره، و جهدوا في إخفاء فضل أوصياء رسول اللّه صلّى اللّه
عليه و آله و سلم لينقلب الناس على أعقابهم خاسرين.
ففي مثل هذه الأعصار لم يكن بدا من رجال يقومون بالحق و يتركون التقية و يظهرون
آيات اللّه و بيناته، و يصكون على جباه الباطل و الظلم و الطغيان.
و لو لا مجاهدة هؤلاء بأموالهم و أنفسهم أو شك ان لا يبقى من الإسلام إلا اسمه
و لا من القرآن و صاحبه الذي لا يفارقه إلا رسمه و ذكره، فكانوا هم الحلقة الواسطة
بين الجيل الماضي و الجيل الاتى من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان.
و لو لا جهاد أمثال حجر، و ميثم، و عمرو بن الحمق، و عبد اللّه بن غفيف