هذه القاعدة
من أشهر القواعد الفقهية، يستدل بها في جل أبواب الفقه من العبادات و المعاملات،
بل هي المدرك الوحيد لكثير من المسائل؛ و لهذا أفردوها بالبحث و صنف فيها غير واحد
من أعاظم المتأخرين رسالات مستقلة بينوا فيها حال القاعدة من حيث مدركها و معناها،
و فروعها و نتائجها. منهم العلامة الأكبر شيخنا الأعظم الشيخ مرتضى الأنصاري قده؛
صنف فيها رسالة طبعت في ملحقات مكاسبه بعد ان تعرض لها استطرادا في فرائده ذيل
قاعدة الاشتغال، و العلامة المحقق شيخ الشريعة الأصفهاني قده، و العلامة النحرير
النائيني قده، و جعلها العلامة النراقي قده، العائدة الرابعة من «عوائده».
فبعضهم
تقبّلها بقبول حسن و جعلها مدركا لكثير من الفروع الفقهية، و بعضهم خرّب بنيانها
من القواعد و اعتقد بعدم إمكان الاعتماد عليها لإثبات شيء من الفروع التي لا يوجد
لها مدرك سواها، و بعضهم رآها حكما قضائيا يعتمد عليها في أبواب القضاء لا غير؛
بما سنتلو عليك منها ذكرا فهذه القاعدة تليق بالبحث و التفتيح التام لكي يتضح حال
تلك الفروع الكثيرة المتفرعة عليها في الأبواب المختلفة من الفقه. فنقول- و من
اللَّه جل ثنائه التوفيق و الهداية- ان الكلام فيها يقع في مقامات:
المقام
الأول في مدركها
لا ريب في ان
نفى الضرر و الضرار في الجملة من الأمور التي يستقل بها العقل، و يشهد له في
مقامات خاصة آيات من الكتاب العزيز