منها- قوله تعالى وَ جاهِدُوا فِي
اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ
مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ[1] و هي من أقوى الأدلة الدالة عليها و إليها
استند في اخبار كثيرة لنفى تكاليف حرجية في الشريعة المقدسة، تارة بعنوان الحكمة
لتشريع بعض الاحكام؛ و اخرى بعنوان العلة لها بما سيأتي نقله، و معها لا يبقى ريب
في دلالتها على المطلوب؛ بل لا ينبغي الريب فيها مع عزل النظر عن هذه الاخبار
الكثيرة أيضا لتمامية دلالتها في حد ذاتها.
و المراد من «المجاهدة» فيها هي المجاهدة في امتثال الواجبات و ترك المحرمات-
كما اختاره أكثر المفسرين- و حق الجهاد اما هو الإخلاص في هذه المجاهدة العظيمة
كما يحكى عن أكثر المفسرين؛ أو الإطاعة الخالية عن المعصية كما يحكى عن بعضهم و
لعل الجميع يرجع الى معنى واحد و هو المجاهدة البالغة حد الكمال الخالية عن شوائب
النقصان.
و معنى الآية- و اللّه اعلم- انه لا عذر لا حد في ترك المجاهدة في امتثال أو
أمر اللّه تعالى و اجتناب نواهيه بعد ما كانت الشريعة سمحة سهلة و ليس في أحكام
الدين أمر حرجي يشكل امتثاله، فكأنه يقول: كيف لا تجاهدون في اللّه حق جهاده و قد
اجتباكم من بين الأمم و لم يجعل عليكم في الشريعة و أحكامها امرا حرجيا؟.